للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني في فضل قيام الليل]

وقد دلّ حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا على أنه أفضل الصّلاة بعد المكتوبة.

وهل هو أفضل من السّنن الراتبة؟ فيه خلاف سبق ذكره. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «فضل صلاة اللّيل على صلاة النّهار كفضل صدقة السّرّ على صدقة العلانية» (١). وخرّجه الطبراني عنه مرفوعا، والمحفوظ وقفه.

وقال عمرو بن العاص: ركعة بالليل خير من عشر بالنّهار. خرّجه ابن أبي الدنيا. وإنما فضّلت صلاة الليل على صلاة النّهار؛ لأنها أبلغ في الإسرار وأقرب إلى الإخلاص.

كان السّلف يجتهدون في إخفاء تهجّدهم؛ قال الحسن: كان الرجل يكون عنده زوّاره، فيقوم من الليل يصلّي ولا يعلم به زوّاره. وكانوا يجتهدون في الدعاء ولا يسمع لهم صوت. وكان الرجل ينام مع امرأته على وسادة، فيبكي طول ليلته وهي لا تشعر. وكان محمد بن واسع يصلّي في طريق الحدّ طول ليله في محمله، ويأمر حاديه أن يرفع صوته ليشغل الناس عنه. وكان بعضهم يقوم من وسط الليل ولا يدرى به، فإذا كان قرب طلوع الفجر رفع صوته بالقرآن، يوهم أنّه قام تلك الساعة.


(١) أخرجه مرفوعا: ابن المبارك في «الزهد» (٢٥) والطبراني (١٠/ ٢١)، وأبو نعيم في «الحلية» (٤/ ١٦٧)، (٥/ ٣٦)، (٧/ ٢٣٨) وحسن إسناده المنذري (١/ ٢٤٢)، وقال الهيثمي (٢٥١/ ٢): «رجاله ثقات».
ورجح الموقوف أبو نعيم في «الحلية»، وتفرد برفعه مخلد بن يزيد، وهو ضعيف.

<<  <   >  >>