ويروى عن نوف البكالي أنّ عليّا رضي الله عنه خرج ليلة النّصف من شعبان فأكثر الخروج فيها، ينظر إلى السّماء، فقال: إنّ داود عليه السّلام خرج ذات ليلة في مثل هذه السّاعة فنظر إلى السّماء، فقال: إنّ هذه السّاعة ما دعا الله أحد إلاّ أجابه، ولا استغفره أحد في هذه الليلة إلاّ غفر له، ما لم يكن عشّارا أو ساحرا أو شاعرا أو كاهنا أو عريفا أو شرطيّا أو جابيا أو صاحب كوبة أو عرطبة.
قال نوف: الكوبة: الطبل، والعرطبة: الطّنبور.
اللهم ربّ داود، اغفر لمن دعاك في هذه الليلة ولمن استغفرك فيها.
وليلة النّصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام - كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم - يعظّمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنّه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلمّا اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف النّاس في ذلك؛ فمنهم من قبله منهم ووافقهم على تعظيمها؛ منهم طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم. وأنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز؛ منهم عطاء وابن أبي مليكة، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم، وقالوا: ذلك كلّه بدعة.
[واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين]
أحدهما: أنّه يستحبّ إحياؤها جماعة في المساجد، كان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم ويتبخّرون ويكتحلون ويقومون في المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم إسحاق بن راهويه على ذلك، وقال في قيامها في المساجد جماعة: ليس ذلك ببدعة، نقله عنه حرب الكرمانيّ في مسائله.
والثاني: أنّه يكره الاجتماع فيها في المساجد للصّلاة والقصص والدّعاء،