للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مجلس في ذكر التوبة والحث عليها قبل الموت وختم العمر بها والتوبة وظيفة العمر وهي خاتمة مجالس الكتاب]

خرّج الإمام أحمد والترمذي وابن حبان في «صحيحه» من حديث ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إنّ الله عزّ وجلّ يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» (١). وقال الترمذي: حديث حسن.

دلّ هذا الحديث على قبول توبة الله عزّ وجلّ لعبده ما دامت روحه في جسده لم تبلغ الحلقوم والتراقي. وقد دلّ القرآن على مثل ذلك أيضا؛ قال الله عزّ وجلّ: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً} [النّساء: ١٧].

وعمل السّوء إذا أفرد دخل فيه جميع السيئات؛ صغيرها وكبيرها. والمراد بالجهالة الإقدام على السّوء، وإن علم صاحبه أنّه سوء؛ فإنّ كلّ من عصى الله فهو جاهل، وكلّ من أطاعه فهو عالم.

وبيانه من وجهين:

أحدهما: أن من كان عالما بالله تعالى وعظمته وكبريائه وجلاله فإنّه يهابه ويخشاه؛ فلا يقع منه مع استحضار ذلك عصيانه، كما قال بعضهم: لو تفكّر


(١) أخرجه: أحمد (١٥٣، ٢/ ١٣٢)، والترمذي (٣٥٣٧)، وابن ماجه (٤٢٥٣).
وحسنه الألباني في «تخريج المشكاة» (٢٤٤٩، ٢٣٤٣).

<<  <   >  >>