للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«الصحيحين» عن أبي هريرة، قال: «جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال:

دلّني على عمل يعدل الجهاد. قال: لا أجده. قال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك، فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر؟ قال: ومن يستطيع ذلك؟» (١). ولفظه للبخاري، ولمسلم معناه، وزاد: ثم قال: «مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصّائم القائم القانت بآيات الله، الذي لا يفتر من صلاة ولا صيام، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله». وللبخاري: «مثل المجاهد في سبيل الله - والله أعلم بمن يجاهد في سبيله - كمثل الصائم القائم». وللنسائي: «كمثل الصائم القائم الخاشع الراكع السّاجد» (٢).

ويدلّ على أنّ المراد تفضيله على جهاد في مثل أيّامه خاصّة ما في صحيح ابن حبّان، عن جابر، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة. فقال رجل: يا رسول الله، هو أفضل أم عدّتهن جهادا في سبيل الله؟ قال: هو أفضل من عدتهنّ جهادا في سبيل الله» (٣). فلم يفضّل العمل في العشر إلاّ على الجهاد في عدّة أيام العشر لا مطلقا.

وأمّا ما تقدّم من أنّ كلّ يوم منه يعدل سنة أو شهرين أو ألف يوم، فكلّها من أحاديث الفضائل، ليست بقوية.

ثم إنّ أكثر ما ورد ذلك في صيامها، والصيام له خصوصيّة في المضاعفة، فإنّه لله، والله يجزي به. وإن قيل: إنه لا يختص بالصّوم، بل يعمّ سائر الأعمال، فإنّما يدلّ على تفضيل كلّ عمل في العشر على مثل ذلك العمل في غيره سنة، فلا يدخل فيه إلاّ تفضيل من جاهد في العشر على ما جاهد في غيره سنة.


(١) أخرجه: البخاري (٤/ ١٨) (٢٧٨٥)، ومسلم (٦/ ٣٥) (١٨٧٨)، والنسائي (٦/ ١٩).
(٢) أخرجه: النسائي (٦/ ١٨).
(٣) أخرجه: ابن حبان (٣٨٥٣).

<<  <   >  >>