للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السّلام وإطعام الطعام، وضمّ إليه كثرة ذكر الله عزّ وجلّ، والعجّ والثّجّ، وهو رفع الصّوت بالتلبية وسوق الهدي؛ فإنّ هذا الحجّ على هذا الوجه قد يفضل على الجهاد.

وإن وقع عمل الحجّ في جزء يسير من العشر ولم يؤت به على الوجه المبرور، فالجهاد أفضل منه.

وقد روي عن عمر وابن عمر وأبي موسى الأشعري ومجاهد ما يدلّ على تفضيل الحجّ على الجهاد وسائر الأعمال، وينبغي حمله على الحجّ المبرور الذي كمل برّه واستوعب فعله أيّام العشر، والله أعلم.

فإن قيل: قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أيام العمل الصّالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيام». هل يقتضي تفضيل كلّ عمل صالح وقع في شيء من أيام العشر على جميع ما يقع في غيرها، وإن طالت مدته أم لا؟

قيل: الظاهر - والله أعلم - أنّ المراد أنّ العمل في هذه الأيام العشر أفضل من العمل في أيام عشر غيرها، فكلّ عمل صالح يقع في هذا العشر فهو أفضل من عمل في عشرة أيام سواها، من أيّ شهر كان، فيكون تفضيلا للعمل في كلّ يوم منه على العمل في كلّ يوم من أيّام السّنة غيره.

وقد قيل: إنّما يفضل العمل فيها على الجهاد إذا كان العمل فيها مستغرقا لأيام العشر، فيفضل على جهاد في عدد تلك الأيّام من غير العشر. وإن كان العمل مستغرقا لبعض أيّام العشر، فهو أفضل من جهاد في نظير ذلك الزمان من غير العشر.

واستدلّ على ذلك بأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم جعل العمل الدّائم الذي لا يفتر من صيام وصلاة معادلا للجهاد في أيّ وقت كان، فإذا وقع ذلك العمل الدّائم في العشر، كان أفضل من الجهاد في مثل أيامه؛ لفضل العشر وشرفه؛ ففي

<<  <   >  >>