للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجلسنا هذا حضرة في روضة الخشوع؛ طعامنا فيه الجوع، وشرابنا فيه الدّموع، ونقلنا هذا الكلام المسموع، نداوي فيه أمراضا أعيت جالينوس وبختيشوع، نسقى فيه درياق الذنوب وفاروق المعاصي، فمن شرب لم يكن له إلى المعصية رجوع. كم أفاق فيه من المعصية مصروع، وبرئ فيه من الهوى ملسوع، ووصل فيه إلى الله مقطوع، ما عيبه إلاّ أنّ الطبيب الذي له لو كان يستعمل ما يصف للنّاس لكان إلى قوله المرجوع.

يا ضيعة العمر إن نجا السّامع وهلك المسموع! يا خيبة المسعى إن وصل التّابع وانقطع المتبوع!

وغير تقيّ يأمر النّاس بالتّقى … طبيب يداوي النّاس وهو سقيم

يا أيّها الرّجل المقوّم غيره … هلاّ لنفسك كان ذا التّقويم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيّها … فإن انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل ما تقول ويقتدى … بالقول منك وينفع التّعليم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله … عار عليك إذا فعلت عظيم

وقال غيره:

كم ذا التّمادي فها قد جاءنا صفر … شهر به الفوز والتّوفيق والظّفر

فابدأ بما شئت من فعل تسرّ به … يوم المعاد ففيه الخير ينتظر

توبوا إلى الله فيه من ذنوبكم … من قبل يبلغ فيكم حدّه العمر

***

<<  <   >  >>