للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: ١٨]. وخصّ الصّدّيق من بينهم بالصّحبة بقوله: {إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا} [التوبة: ٤٠].

لمّا جلى الرّسول صلّى الله عليه وسلّم عروس الإسلام وأبرزها للبصائر من خدرها، أخرج أبو بكر رضي الله عنه ماله كلّه نثارا لهذا العروس، فأخرج عمر النصف موافقة له، فقام عثمان بوليمة العرس، فجهز جيش العسرة، فعلم عليّ أنّ الدّنيا ضرّة هذه العروس، وأنّهما لا يجتمعان، فبتّ طلاقها ثلاثا. فالحمد لله الذي خصّنا بهذه الرّحمة، وأسبغ علينا هذه النّعمة، وأعطانا ببركة نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم هذه الفضائل الجمّة، فقال لنا: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ} [آل عمران: ١١٠].

من أين في الأمم مثل أبي بكر الصّدّيق، أو عمر الذي ما سلك طريقا إلاّ هرب الشّيطان من ذلك الطريق، أو عثمان الصابر على مر الضيق، أو عليّ بحر العلم العميق أو حمزة والعبّاس؟ أفيهم مثل طلحة والزّبير القرينين، أو مثل سعد وسعيد، هيهات!! من أين؟ أو مثل ابن عوف وأبي عبيدة، ومن مثل الاثنين إن شبّهتم بهم فقد أبعدتم القياس.

من أين في زهّاد الأمم مثل أويس، أو في عبّادهم مثل عامر بن عبد قيس، أو في خائفهم مثل عمر بن عبد العزيز؟! هيهات!! ليس ضوء الشّمس كالمقباس. أو في علمائهم مثل أبي حنيفة ومالك، والشّافعي السديد المسالك، كيف نمدحه وهو أجلّ من ذلك؟ ما أحسن بنيانه والأساس!! أثم أعلى من الحسن البصري وأنبل، أو ابن سيرين الذي بالورع تبتّل، أو سفيان الثّوريّ الذي بالخوف والعلم تسربل، أو مثل أحمد الذي بذل نفسه لله وسبّل، تالله ما في الأمم مثل ابن حنبل؛ ارفع صوتك بهذا ولا باس: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ} [آل عمران: ١١٠].

<<  <   >  >>