للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يذهب ولا يجيء إلاّ قال: «سبحان الله وبحمده». فذكرت ذلك له، فقال: «إنّي أمرت بذلك وتلا هذه السّورة (١). وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يكثر أن يقول قبل موته: «سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه». فقلت له: إنّك تدعو بدعاء لم تكن تدعو به قبل اليوم، قال:

«إنّ ربّي أخبرني أنّي سأرى علما في أمّتي، وأنّي إذا رأيته أن أسبّح بحمده وأستغفره، وقد رأيته» (٢). ثمّ تلا هذه السورة.

إذا كان سيّد المحسنين يؤمر بأن يختم أعماله بالحسنى، فكيف يكون حال المذنب المسيء المتلوّث بالذّنوب المحتاج إلى التّطهير؟ من لم ينذره باقتراب أجله وحي، أنذره الشّيب وسلب أقرانه بالموت.

كفى مؤذنا باقتراب الأجل … شباب تولّى وشيب نزل

وموت اللّذّات هل (٣) … بعده

بقاء يؤمّله من عقل

إذا ارتحلت قرناء الفتى … على حكم ريب المنون ارتحل

قال وهيب بن الورد: إنّ لله ملكا ينادي في السّماء كلّ يوم وليلة أبناء الخمسين: زرع دنا حصاده، أبناء الستين: هلمّوا إلى الحساب؛ أبناء السبعين:

ماذا قدّمتم، وماذا أخّرتم؟ أبناء الثمانين: لا عذر لكم. وعن وهب، قال:

ينادي مناد: أبناء الستين! عدّوا أنفسكم في الموتى.

وفي «صحيح البخاري»، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «أعذر الله إلى من بلغه ستين من عمره» (٤). وفي حديث آخر: «إذا كان يوم القيامة


(١) أخرجه: الطبري في «تفسيره» (٣٠/ ٣٣٥)، وقال ابن كثير في «تفسيره» (٨/ ٥٣٣): «غريب». يعني: «ضعيف».
(٢) أخرجه: مسلم (٢/ ٥٠) (٤٨٤)، وأحمد (٦/ ٣٥).
(٣) في ص، ب: «وموت الأقران وهل».
(٤) أخرجه: البخاري (٨/ ١١١) (٦٤١٩).

<<  <   >  >>