فبين يديك، - أخي الكريم - درّة من درر الإمام الحافظ الفقيه زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن المعروف ب «ابن رجب» الدمشقي الحنبلي، مما جاد به قلمه، وفاض به علمه.
وهو ذاك الكتاب الحافل «لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف»، الذي لا يستغني عنه سالك طريق رب العباد، متزودا للمعاد، متأهبا للموت قبل قدومه والاستعداد؛ أو منتصب للوعظ والإرشاد، آخذ بأيدي الناس إلى خير زاد، موقظ لهم من الغفلة والسّهاد، هاد لهم إلى جنّة الله ورضوانه سالكا طريق خير هاد صلّى الله عليه وسلّم.
ولأجل هذا؛ سلك مؤلّفه فيه طريقا واضحة، وجادّة سويّة، حيث إنه جمع فيه بين الصناعة الحديثيّة؛ لتكون مواعظه قائمة على أسس صحيحة، لا كحال أغلب الوعّاظ الذين يملئون مواعظهم بالغثّ والسّمين والطّيب والخبيث، وبين الصناعة الفقهيّة، والتي ينبني عليها العمل الذي هو المقصود من العلم، فإن العمل إذا لم يكن قائما على علم سليم وفهم مستقيم، كان عملا مردودا على وجه صاحبه غير مقبول منه، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا، فهو ردّ»؛ بل يكون - والحالة هذه - بدعة وضلالة؛ والعياذ بالله.
ومع ذلك؛ فلم يخل المؤلف الكتاب من العبارات الوعظيّة، المصحوبة أحيانا بالسجع غير المتكلّف، والذي هو - بلا شكّ - يكون له تأثير في تحريك القلوب واستدرار العبرات، ثم حفز الهمم للعمل الذي هو الغاية من الوعظ، كما قال الله عزّ وجلّ: {اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ