للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان أهل الجاهلية يتحرّون الدّعاء فيه على الظالم، وكان يستجاب لهم، ولهم في ذلك أخبار مشهورة قد ذكرها ابن أبي الدنيا في كتاب «مجابي الدعوة» وغيره. وقد ذكر ذلك لعمر بن الخطاب، فقال عمر: إنّ الله كان يصنع بهم ذلك ليحجز بعضهم عن بعض، وأنّ الله جعل السّاعة موعدكم، والسّاعة أدهى وأمر.

وروى زائدة بن أبي الرّقاد، عن زياد النّميري، عن أنس، قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا دخل رجب قال: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا رمضان» (١). وروي عن أبي إسماعيل الأنصاري أنّه قال: لم يصحّ في فضل رجب غير هذا الحديث. وفي قوله نظر؛ فإنّ هذا الإسناد فيه ضعف.

وفي هذا الحديث دليل على استحباب الدّعاء بالبقاء إلى الأزمان الفاضلة؛ لإدراك الأعمال الصّالحة فيها؛ فإنّ المؤمن لا يزيده عمره إلاّ خيرا، وخير النّاس من طال عمره وحسن عمله. وكان السّلف يستحبّون أن يموتوا عقيب عمل صالح؛ من صوم رمضان، أو رجوع من حجّ، وكان يقال: من مات كذلك غفر له.

كان بعض العلماء الصالحين قد مرض قبل شهر رجب، فقال: إنّي دعوت الله أن يؤخّر وفاتي إلى شهر رجب، فإنّه بلغني أنّ لله فيه عتقاء؛ فبلّغه الله ذلك ومات في شهر رجب.

شهر رجب مفتاح أشهر الخير والبركة؛ قال أبو بكر الورّاق البلخيّ: شهر رجب شهر الزّرع، وشهر شعبان شهر السّقي للزّرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزّرع وعنه قال: مثل شهر رجب مثل الريح، ومثل شعبان مثل الغيم،


(١) أخرجه: أحمد (١/ ٢٥٩)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (٦٥٨)، والبزار (٦١٦ - كشف). وهو ضعيف، وفي إسناده زائدة بن أبي الرقاد، وهو منكر الحديث.

<<  <   >  >>