للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصّوم أحيانا والفطر أحيانا، فيصوم حتّى يقال لا يفطر، ويفطر حتّى يقال لا يصوم. وقد روى ذلك أيضا عائشة وابن عباس وأنس وغيرهم.

ففي «الصحيحين» عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصوم حتّى نقول: لا يفطر، ويفطر حتّى نقول لا يصوم» (١). وفيهما عن ابن عباس، قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصوم إذا صام حتّى يقول القائل: لا والله لا يفطر، ويفطر إذا أفطر حتى يقول القائل: لا والله لا يصوم».

وفيهما عن أنس أنّه سئل عن صيام النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «ما كنت أحبّ أن أراه من الشهر صائما إلاّ رأيته، ولا مفطرا إلاّ رأيته، ولا من اللّيل قائما إلاّ رأيته، ولا نائما إلا رأيته» (٢). ولمسلم عنه، قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصوم حتّى يقال: قد صام قد صام، ويفطر حتّى يقال: قد أفطر (٣).

وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينكر على من يسرد صوم الدّهر ولا يفطر منه، ويخبر عن نفسه أنّه لا يفعل ذلك. ففي «الصحيحين» عن عبد الله بن عمرو أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال له: «أتصوم النّهار وتقوم اللّيل؟ قال: نعم، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

لكنّي أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأمسّ النساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي (٤).

وفيهما عن أنس: أنّ نفرا من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم قال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللّحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش. فبلغ ذلك النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فخطب، وقال: «ما بال أقوام يقولون كذا وكذا؟ لكنّي أصلي


(١) أخرجه: البخاري (٣/ ٥٠) (١٩٦٩)، ومسلم (٣/ ١٦١) (١١٥٦).
(٢) أخرجه: البخاري (٣/ ٥٠) (١١٤١) (١٩٧٢) (١٩٧٣)، ومسلم (٣/ ١٦٢).
(٣) أخرجه: مسلم (٣/ ١٦٢) (١١٥٨).
(٤) أخرجه: البخاري (٥١)، ومسلم (٣/ ١٦٢)، وأحمد (٢/ ١٥٨).

<<  <   >  >>