للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل الخصوص من الصّوّم صومهم … صون اللسان عن البهتان والكذب

والعارفون وأهل الأنس صومهم … صون القلوب عن الأغيار والحجب

العارفون لا يسلّيهم عن رؤية مولاهم قصر، ولا يروّيهم دون مشاهدته نهر؛ هممهم أجلّ من ذلك.

كبرت همّة عبد … طمعت في أن تراك

من يصم عن مفطرات … فصيامي عن سواك (١)

من صام عن شهواته في الدنيا، أدركها غدا في الجنّة. ومن صام عمّا سوى الله، فعيده يوم لقائه، {مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ} [العنكبوت: ٥].

وقد صمت عن لذّات دهري كلّها … ويوم لقاكم ذاك فطر صيامي

رئي بشر في المنام، فسئل عن حاله، فقال: علم قلّة رغبتي في الطعام فأباحني النظر إليه. وقيل لبعضهم: أين نطلبك في الآخرة؟ قال: في زمرة النّاظرين إلى الله، قيل له: كيف علمت ذلك؟ قال: بغضّي طرفي له عن كلّ محرّم، وباجتنابي فيه كلّ منكر ومأثم؛ وقد سألته أن يجعل جنّتي النّظر إليه.

يا حبيب القلوب من لي سواكا … ارحم اليوم مذنبا قد أتاكا

ليس لي في الجنان مولاي رأي … غير أنّي أريدها لأراكا

يا معشر التائبين، صوموا اليوم عن شهوات الهوى؛ لتدركوا عيد الفطر يوم اللّقاء، لا يطولن عليكم الأمد باستبطاء الأجل؛ فإن معظم نهار الصّيام قد ذهب، وعيد اللقاء قد اقترب.


(١) هذا العجز مكانه في (أ): «عن أن يحب سواكا».

<<  <   >  >>