العزّ. تهتّك المحبّين في محبّته أحسن من السّتر. بذل النّفوس للقتل في سبيله هو الحياة. جوع الصّائمين لأجله هو الشّبع، عطشهم في طلب مرضاته هو الرّيّ. نصب المجتهدين في خدمته هو الرّاحة.
ذلّ الفتى في الحبّ مكرمة … وخضوعه لحبيبه شرف
هبّت اليوم على القلوب نفحة من نفحات نسيم القرب. سعى سمسار المواعظ للمهجورين في الصلح. وصلت البشارة للمنقطعين بالوصل، وللمذنبين بالعفو، وللمستوجبين النار بالعتق.
لمّا سلسل الشّيطان في شهر رمضان، وخمدت نيران الشّهوات بالصّيام، انعزل سلطان الهوى، وصارت الدولة لحاكم العقل بالعدل؛ فلم يبق للعاصي عذر.
يا غيوم الغفلة عن القلوب تقشّعي. يا شموس التقوى والإيمان اطلعي.
يا صحائف أعمال الصّالحين ارتفعي. يا قلوب الصائمين اخشعي. يا أقدم المجتهدين اسجدي لربك واركعي. يا عيون المتهجدين لا تهجعي. يا ذنوب التائبين لا ترجعي. يا أرض الهوى ابلعي ماءك، ويا سماء النّفوس أقلعي.
يا بروق الأشواق للعشاق المعي. يا خواطر العارفين ارتعي. يا همم المحبّين بغير الله لا تقنعي. يا جنيد اطرب. يا شبليّ احضر. يا رابعة اسمعي، قد مدّت في هذه الأيام موائد الإنعام للصّوّام، فما منكم إلاّ من دعي {يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ}[الأحقاف: ٣١]. ويا همم المؤمنين أسرعي، فطوبى لمن أجاب فأصاب، وويل لمن طرد عن الباب وما دعي.
سألتك يا بانة الأجرعي … متى رفع الحيّ من لعلعي
وهل مرّ قلبي مع الظّاعني … ن أم خار ضعفا فلم يتبعي