للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالأجود الأجود؟ الله الأجود الأجود، وأنا أجود بني آدم، وأجودهم من بعدي رجل علم علما فنشر علمه، يبعث يوم القيامة أمّة وحده، ورجل جاد بنفسه في سبيل الله» (١). فدلّ هذا على أنّه صلّى الله عليه وسلّم أجود بني آدم على الإطلاق، كما أنه أفضلهم وأعلمهم وأشجعهم وأكملهم في جميع الأوصاف الحميدة.

وكان جوده يجمع أنواع الجود، من بذل العلم والمال، وبذل نفسه لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده، وإيصال النفع إليهم بكلّ طريق؛ من إطعام جائعهم، ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وتحمّل أثقالهم.

ولم يزل صلّى الله عليه وسلّم على هذه الخصال الحميدة منذ نشأ، ولهذا قالت له خديجة في أوّل مبعثه: «والله، لا يخزيك الله أبدا، إنّك لتصل الرّحم، وتقري الضّيف، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحقّ».

ثم تزايدت هذه الخصال فيه بعد البعثة وتضاعفت أضعافا كثيرة.

وفي «الصحيحين» عن أنس، قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحسن النّاس، وأشجع النّاس، وأجود الناس» (٢). وفي «صحيح مسلم» عنه، قال:

«ما سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الإسلام شيئا إلاّ أعطاه، فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم، أسلموا؛ فإنّ محمّدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة» (٣). وفي رواية له: «إن رجلا سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم غنما بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه، فقال: يا قوم، أسلموا؛ فإنّ محمدا يعطي عطاء ما يخاف الفقر». قال أنس: «إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلاّ الدنيا، فما يمسي حتى يكون الإسلام أحبّ إليه من الدنيا وما عليها».


(١) أخرجه: ابن عدي (٢/ ٢٠).
(٢) أخرجه: البخاري (٤/ ٢٧) (٣٠٤٠)، ومسلم (٧/ ٧٢) (٢٣٠٧).
(٣) أخرجه: مسلم (٧/ ٧٤) (٢٣١٢).

<<  <   >  >>