نفسه. قال سلمان: الصّلاة مكيال، فمن وفى وفّي له، ومن طفّف فقد علمتم ما قيل في المطفّفين. فالصّيام وسائر الأعمال على هذا المنوال؛ من وفّاها فهو من خيار عباد الله الموفّين، ومن طفّف فيها فويل للمطفّفين. أما يستحيي من يستوفي مكيال شهواته. ويطفّف في مكيال صيامه وصلاته، ألا بعدا لمدين.
في الحديث:«أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته»(١). إذا كان الويل لمن طفّف مكيال الدّنيا، فكيف حال من طفّف مكيال الدّين! {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ} [الماعون: ٤ - ٥].
غدا توفّى النفوس ما كسبت … ويحصد الزّارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم … وإن أساءوا فبئس ما صنعوا
كان السّلف الصّالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمّون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من ردّه، وهؤلاء الذين {يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}[المؤمنون: ٦٠]. روي عن علي رضي الله عنه، قال: كونوا لقبول العمل أشدّ اهتماما منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عزّ وجلّ يقول:{إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة: ٢٧]. وعن فضالة بن عبيد، قال: لأن أكون أعلم أنّ الله قد تقبّل منّي مثقال حبّة من خردل أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها؛ لأنّ الله يقول:
وقال مالك بن دينار: الخوف على العمل أن لا يتقبّل أشدّ من العمل. وقال
(١) أخرجه: أحمد (٣/ ٥٦)، وأبو يعلى (١٣١١)، وابن أبي شيبة (١/ ٢٥٧) من حديث أبي سعيد الخدري، وأحمد (٥/ ٣١٠)، والطبراني في «الأوسط» (٨١٧٩)، وابن خزيمة (٦٦٣) من حديث أبي قتادة. وقال الهيثمي في «المجمع» (٢/ ١٢٠) عن حديث أبي قتادة: «رجاله رجال الصحيح». وراجع: «علل ابن أبي حاتم» (٤٨٧)، و «علل الدارقطني» (٨/ ١٥، ٦/ ١٤١).