قال عمر يوما وهو بطريق مكّة: تشعثون وتغبرون وتتفلون وتضحون، لا تريدون بذلك شيئا من عرض الدّنيا، ما نعلم سفرا خيرا من هذا؛ يعني الحجّ. وعنه قال:«إنّما الحاجّ الشّعث التّفل»(١). وقال ابن عمر لرجل رآه قد استظلّ في إحرامه: اضح لمن أحرمت له. أي ابرز للضّحى، وهو حرّ الشمس.
أتاك الوافدون إليك شعثا … يسوقون المقلّدة الصّواف
فكم من قاصد للرّبّ رغبا … ورهبا بين منتعل وحاف
سبحان من جعل بيته الحرام مثابة للنّاس وأمنا، يتردّدون إليه، ويرجعون عنه، ولا يرون أنّه قضوا منه وطرا. لمّا أضاف الله تعالى ذلك البيت إلى نفسه ونسبه إليه، بقوله عزّ وجلّ لخليله:{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ}[الحجّ: ٢٦]، تعلّقت قلوب المحبّين ببيت محبوبهم، فكلّما ذكر لهم ذلك البيت الحرام حنّوا، وكلّما تذكّروا بعدهم عنه أنّوا:
لا يذكر الرّمل إلاّ حنّ مغترب … له بذي الرّمل أوطار وأوطان
تهفو إلى البان من قلبي نوازعه … وما بي البان بل من داره البان
رأى بعض الصالحين الحاجّ في وقت خروجهم، فوقف يبكي ويقول: