للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخشيته ومحبّته ومحبّه ما يحبّه وكراهة ما يكرهه، لا سيما عند غلبة الجهل، والتعبّد به، أفضل من التطوّع بأعمال الجوارح.

قال ابن مسعود رضي الله عنه: أنتم في زمان العمل فيه أفضل من العلم، وسيأتي زمان العلم فيه أفضل من العمل. وقال مطرّف: فضل العلم أحبّ إليّ من فضل العبادة؛ وخير دينكم الورع.

وخرّجه الحاكم وغيره مرفوعا (١). ونصّ كثير من الأئمة على أنّ طلب العلم أفضل من صلاة النّافلة، وكذلك الاشتغال بتطهير القلوب أفضل من الاستكثار من الصّوم والصّلاة مع غشّ القلوب ودغلها. ومثل من يستكثر من الصّوم والصّلاة مع دغل القلب وغشّه، كمثل من بذر بذرا في أرض دغلة كثيرة الشّوك، فلا يزكو ما ينبت فيها من الزرع بل يمحقه دغل الأرض ويفسده، فإذا نظّفت الأرض من دغلها زكا ما ينبت فيها ونما.

قال يحيى بن معاذ: كم من مستغفر ممقوت وساكت مرحوم؛ هذا استغفر وقلبه فاجر، وهذا سكت وقلبه ذاكر. وقال غيره: ليس الشأن فيمن يقوم الليل، إنّما الشأن فيمن ينام على فراشه ثم يصبح وقد سبق الركب. من سار على طريق الرسول صلّى الله عليه وسلّم ومنهاجه وإن اقتصد، فإنّه يسبق من سار على غير طريقه وإن اجتهد.

من لي بمثل سيرك المذلّل … تمشي رويدا وتجي في الأوّل

والمقصود أنّ هذا الباهليّ لمّا رآه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقد أنهكه الصّوم وغيّر هيئته، وأضرّ


(١) أخرجه: الحاكم (١/ ٩٢)، عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا، وقد روى عن حذيفة بن اليمان مرفوعا.
وراجع: «مجمع الزوائد» (١/ ١٢٠)، و «صحيح الجامع» (٤٠٩٠).

<<  <   >  >>