للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا رسول الله، أيّ الجهاد أعظم أجرا؟ قال: أكثرهم لله ذكرا. قال: فأيّ الصائمين أعظم أجرا؟ قال: أكثرهم لله ذكرا. قال: ثم ذكر الصّلاة، والزّكاة، والحجّ، والصّدقة؛ كلّ ذلك ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: أكثرهم لله ذكرا. فقال أبو بكر: يا أبا حفص، ذهب الذّاكرون بكلّ خير. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

أجل» (١).

وقد خرّجه ابن المبارك، وابن أبي الدنيا من وجوه أخر مرسلة، وفي بعضها: «أي الحاج خير؟ قال: أكثرهم ذكرا لله». وفي بعضها: «أيّ الحاج أعظم أجرا؟ قال: أكثرهم لله ذكرا»، وذكر بقية الأعمال، بمعنى ما تقدّم.

فهذا كلّه بالنسبة إلى الحاج.

فأمّا أهل الأمصار فإنّهم يشاركون الحاج في عشر ذي الحجة؛ في الذّكر، وإعداد الهدي. فأمّا إعداد الهدي فإنّ العشر تعدّ فيه الأضاحي، كما يسوق أهل الموسم الهدي، ويشاركونهم في بعض إحرامهم؛ فإنّ من دخل عليه العشر وأراد أن يضحي، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئا، كما روت ذلك أم سلمة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. خرّج حديثها مسلم (٢)، وأخذ بذلك الشافعي، وأحمد، وعامّة فقهاء الحديث. ومنهم من شرط أن يكون قد اشترى هديه قبل العشر، وأكثرهم لم يشرطوا ذلك.

وخالف فيه مالك، وأبو حنيفة، وكثير من الفقهاء، وقالوا: لا يكره شيء من ذلك. واستدلّوا بحديث عائشة: «كنت أفتل قلائد الهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلا يحرم عليه شيء أحلّه الله له» (٣).


(١) أخرجه: أحمد (٣/ ٤٣٨).
وأشار الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١٠/ ٧٤) إلى ضعفه.
(٢) أخرجه: مسلم (٦/ ٨٣) (١٩٧٧).
(٣) أخرجه: مسلم (٤/ ٨٩) (١٣٢١)، وأحمد (٦/ ٣٥).

<<  <   >  >>