للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لبعض، فداخلني الهمّ والحزن والكآبة؛ وهذا وجهي إلى قسطنطينيّة أنفرج بما أسمع من الشرك بالله وادّعاء أنّ له ولدا. فقلت: أعوذ بالله منك. فلمّا قلت هذه الكلمات لم أر أحدا.

ويشهد لهذه الحكاية حديث عبّاس بن مرداس الذي خرّجه أحمد وابن ماجه في دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم لأمّته عشيّة عرفة، ثم بالمزدلفة، فأجيب فضحك صلّى الله عليه وسلّم، وقال: «إنّ إبليس حين علم أنّ الله قد غفر لأمتي واستجاب دعائي أهوى يحثي التراب على رأسه، ويدعو بالويل والثّبور؛ فضحكت من الخبيث من جزعه» (١).

ويروى عن علي بن الموفق أنّه وقف بعرفة في بعض حجّاته، فرأى كثرة الناس، فقال: اللهم، إن كنت لم تتقبّل منهم أحدا فقد وهبته حجّي. فرأى ربّ العزّة في منامه، وقال له: يا ابن الموفق! أتتسخّى عليّ؟ قد غفرت لأهل الموقف ولأمثالهم، وشفّعت كلّ واحد منهم في أهل بيته وذريته وعشيرته، وأنا أهل التقوى وأهل المغفرة. ويروى نحوه عن غيره أيضا من الشيوخ.

فمن طمع في العتق من النار ومغفرة ذنوبه في يوم عرفة، فليحافظ على الأسباب التي يرجى بها العتق والمغفرة:

فمنها: صيام ذلك اليوم؛ ففي «صحيح مسلم» عن أبي قتادة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «صيام يوم عرفة؛ أحتسب على الله أن يكفّر السّنة التي قبله والتي بعده» (٢).


(١) أخرجه: أحمد (٤/ ١٤)، وابن ماجه (٣٠١٣)، وأبو داود (٥٢٣٤) مختصرا.
قال البوصيري في «مصباح الزجاجة»: «في إسناده عبد الله بن كنانة، قال البخاري: لم يصح حديثه، ولم أر من تكلم فيه بجرح ولا توثيق».
(٢) أخرجه: مسلم (٣/ ١٦٧) (١١٦٢)، وأبو داود (٢٤٢٥).

<<  <   >  >>