في بعض الآثار الإسرائيلية يقول الله تعالى:«ابن آدم، ما أنصفتني، أذكرك وتنساني، وأدعوك إليّ فتفر منيّ إلى غيري، وأذهب عنك البلايا وأنت منعكف على الخطايا، ابن آدم، ما يكون اعتذارك غدا إذا جئتني؟». طوبى لمن أجاب مولاه، {يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ}[الأحقاف: ٣١].
يا نفس ويحك قد أتاك هداك … أجيبي فداعي الحقّ قد ناداك
كم قد دعيت إلى الرّشاد فتعرضي … وأجبت داعي الغيّ حين دعاك
كلّ ما في الدنيا يذكّر بالآخرة؛ فمواسمها وأعيادها وأفراحها تذكّر بمواسم الآخرة وأعيادها وأفراحها. صنع عبد الواحد بن زيد طعاما لإخوانه، فقام عتبة الغلام على رءوس الجماعة يخدمهم وهو صائم، فجعل عبد الواحد ينظر إليه ويسارقه النظر ودموع عتبة تجري، فسأله بعد ذلك عن بكائه حينئذ، فقال:
ذكرت موائد الجنّة والولدان قائمون علي رءوسهم؛ فصعق عبد الواحد. أبدان العارفين في الدنيا وقلوبهم في الآخرة.
جسمي معي غير أنّ الرّوح عندكم … فالجسم في غربة والرّوح في وطن
أعياد الناس تنقضي، فأمّا أعياد العارفين فدائمة. قال الحسن: كلّ يوم لا تعصي الله فيه فهو لك عيد. جاء بعضهم إلى بعض العارفين فسلّم عليه، وقال له: أريد أن أكلمك، قال: اليوم لنا عيد، فتركه، ثم جاءه يوما آخر، فقال له مثل ذلك، ثم جاء يوما آخر، فقال له مثل ذلك. فقال له: ما أكثر أعيادك! قال: يا بطّال! أما علمت أنّ كلّ يوم لا نعصي الله فيه فهو لنا عيد.
أوقات العارفين كلّها فرح وسرور بمناجاة مولاهم وذكره، فهي أعياد. وكان الشّبلي ينشد: