للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: ٢٠٥ - ٢٠٧]. تلا بعض السّلف هذه الآية وبكى، وقال: إذا جاء الموت لم يغن عن المرء ما كان فيه من اللذّة والنعيم. وفي هذا المعنى ما أنشده أبو العتاهية للرشيد حين بنى قصره واستدعى إليه ندماءه:

عش ما بدا لك سالما … في ظلّ شاهقة القصور

يسعى عليك بما اشتهيت … لدى الرّواح وفي البكور

فإذا النّفوس تقعقعت … في ضيق حشرجة الصّدور

فهناك تعلم موقنا … ما كنت إلاّ في غرور

في «صحيح البخاري» عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «أعذر الله إلى من بلّغه ستين من عمره» (١). وفي الترمذي: «أعمار أمّتي ما بين السّتين إلى السّبعين، وأقلّهم من يجوز ذلك» (٢). وفي رواية: «حصاد أمّتي من بلغ الخمسين، فقد تنصّف المائة فماذا ينتظر».

لهفي على خمسين عاما مضت … كانت أمامي ثمّ خلفتها

لو كان عمري مائة هدّني … تذكّري أنّي تنصّفتها

في بعض الكتب السّالفة: إنّ لله مناديا ينادي كلّ يوم: أبناء الخمسين، زرع دنا حصاده، أبناء الستين، هلموا إلى الحساب. أبناء السّبعين، ماذا قدّمتم وماذا أخرتم؟ أبناء الثمانين: لا عذر لكم. ليت الخلق لم يخلقوا، وليتهم إذ خلقوا علموا لماذا خلقوا، وتجالسوا بينهم فتذاكروا ما عملوا، ألا أتتكم السّاعة


(١) أخرجه: البخاري (٨/ ١١١) (٦٤١٩).
(٢) أخرجه: الترمذي (٣٥٥٠، ٢٣٣١)، وحسنه ابن ماجه (٤٢٣٦).
وصححه الألباني في «الصحيحة» (٧٥٧).

<<  <   >  >>