للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي بعض الآثار، يقول الله عزّ وجلّ: أيّها الشاب، التارك شهوته، المبتذل شبابه لأجلي، أنت عندي كبعض ملائكتي. قال عمر رضي الله عنه: إنّ الذين يشتهون المعاصي ولا يعملون بها {أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الحجرات: ٣]. كم بين حال الذي {قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ} [يوسف: ٢٣] وبين شيخ عنّين يدعى لمثل ذلك [فيجيب] (١).

كان عمر يعسّ بالمدينة فسمع امرأة غاب عنها زوجها تقول:

تطاول هذا الليل واسودّ جانبه … وأرّقني أن لا خليل ألاعبه

فو الله لولا الله لا شيء غيره … لحرّك من هذا السّرير جوانبه

ولكنّ تقوى الله عن ذا تصدّني … وحفظا لبعلي أن تنال مراكبه

ولكنّني أخشى رقيبا موكّلا … بأنفسنا لا يفتر الدّهر كاتبه

فقال لها عمر: يرحمك الله! ثم بعث إلى زوجها فأمره أن يقدم عليها، وأمر أن لا يغيب أحد عن امرأته أكثر من أربعة أشهر وعشرا.

الشيخ قد تركته الذنوب فلا حمد له على تركها، كما قيل:

تاركك الذنب فتاركته … بالفعل والشّهوة في القلب

فالحمد للذّنب على تركه … لا لك في تركك للذّنب

أما تستحي منّا لما أعرضت لذّات الدّنيا عنك فلم يبق لك فيها رغبة، وصرت من سقط المتاع لا حاجة لأحد فيك، جئت إلى بابنا فقلت: أنا تائب، ومع هذا فكلّ من أوى إلينا آويناه، وكل من استجار بنا أجرناه، ومن تاب إلينا أحببناه. أبشر، فربما يكون الشّيب شافعا لصاحبه من العقوبات. مات شيخ


(١) ليس في (ص، ب).

<<  <   >  >>