للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان أبو ذر رضي الله عنه يقول للناس: «أرأيتم لو أنّ أحدكم أراد سفرا، أليس يتّخذ من الزّاد ما يصلحه ويبلّغه؟ قالوا: بلى، قال: فسفر طريق القيامة أبعد، فخذوا له ما يصلحكم، حجّوا حجة لعظائم الأمور، صوموا يوما شديدا حرّه لحرّ يوم النّشور، صلّوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة (١) القبور، تصدّقوا بصدقة لشرّ يوم عسير» (٢).

أين رجال الليل، أين الحسن وسفيان وفضيل؟

يا رجال الليل جدّوا … ربّ داع لا يردّ

ما يقوم اللّيل إلاّ … من له عزم وجدّ

ليس شيء كصلا … ة اللّيل للقبر يعدّ

صلّى كثير من السّلف صلاة الصّبح بوضوء العشاء عشرين سنة، ومنهم من صلّى كذلك أربعين سنة. قال بعضهم: منذ أربعين سنة ما أحزنني إلا طلوع الفجر. قال ثابت: كابدت قيام الليل عشرين سنة، وتنعّمت به عشرين سنة أخرى، أفضل قيام الليل وسطه. قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أفضل القيام قيام داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه» (٣). وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا سمع الصّارخ يقوم للصّلاة. والصّارخ: الدّيك، وهو يصيح وسط الليل.

وخرّج النسائي عن أبي ذر، قال: سألت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أيّ الليل خير؟ قال:

«جوفه» (٤). وخرّج الإمام أحمد، عن أبي ذر، قال: سألت النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أيّ


(١) في أ: «لوحشة».
(٢) أورده أبو نعيم في «الحلية» (١/ ١٦٥)، والبيهقي في «الشعب» (٣٩٢٤) مختصرا ونحوه ابن أبي عاصم في «الزهد» (ص ١٤٨).
(٣) أخرجه: البخاري (٢/ ٦٢) (١١٣١).
(٤) أخرجه: النسائي في «الكبرى» (٤٢٠٤)، وفي إسناده رجل مجهول.

<<  <   >  >>