النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما:«لا تكن مثل فلان، كان يقوم اللّيل فترك قيام الليل»(١).
مرضت رابعة مرة فصارت تصلّي وردها بالنّهار فعوفيت، وقد ألفت ذلك وانقطع عنها قيام اللّيل، فرأت ذات ليلة في نومها كأنّها أدخلت إلى روضة خضراء عظيمة، وفتح لها فيها باب دار، فسطع منها نور حتّى كاد يخطف بصرها، فخرج منها وصفاء كأنّ وجوههم اللؤلؤ، بأيديهم مجامر، فقالت لهم امرأة كانت مع رابعة: أين تريدون؟ قالوا: نريد فلانا قتل شهيدا في البحر، فنجمّره، فقالت لهم: أفلا تجمّرون هذه المرأة؟ تعنى رابعة، فنظروا إليها وقالوا: قد كان لها حظّ في ذلك فتركته، فالتفتت تلك المرأة إلى رابعة وأنشدت:
صلاتك نور والعباد رقود … ونومك ضدّ للصّلاة عنيد
وكان بعض العلماء يقوم السّحر، فنام عن ذلك ليالي، فرأى في منامه رجلين وقفا عليه وقال أحدهما للآخر: هذا كان من المستغفرين بالأسحار، فترك ذلك.
يا من كان له قلب فانقلب، يا من كان له وقت مع الله فذهب؛ قيام السّحر يستوحش لك، صيام النّهار يسائل عنك، ليالي الوصال تعاتبك على الهجر.
تغيّرتم عنّا بصحبة غيرنا … وأظهرتم الهجران ما هكذا كنّا
وأقسمتم ألاّ تحولوا عن الهوى … فحلتم عن العهد القديم وما حلنا
ليالي كنّا نستقي من وصالكم … وقلبي إلى تلك الليالي قد حنّا