العزيز. بباب اليون تغدو جفانه ردما. وقال هميان بن قحافة: فصدقت تحسب ليلا لأيلا.
فقال لأيل وإنما يصفون بما يشتق من لفظ الموصوف بيانا للمبالغة وتنبها عليها على ذلك قولهم ظلّ ظليل، وداهية دهياء وما أشبهها. ويقال استأجرته مياومة وملايلة إذا قدر أجرته يوما يوما وليلة ليلة.
وحكى أبو عبيدة أنّ العرب لا تقول إلا مشاهرة، فأما معاوية ومياومة وما أشبههما فليست من كلام العرب، وإنما هي قياس على المسموع منهم، ويقال: يوم وأيام، والأصل أيوام لكن الواو والياء إذا اجتمعا فأيّهما سبق الآخر بالسّكون يقلب الواو ياء ويدغم الأوّل في الثاني، إلا أن يمنع مانع على ذلك قولهم سيّد وميّت لأنّهما فيعل من ساد ومات، والأصل سيود وميوت هذا فيما السّابق فيه ياء ومما السّابق فيه واو قالوا كويته كيا، ولويته ليا لأن الأصل كوى ولوى وكذلك قولهم أمنية وازبية وقولي إلا أن يمنع مانع احتراز من مثل قولهم: ديوان لأن أصله دووان، ففرّوا من التّضعيف وأبدلوا من إحدى الواوين ياء. فلو طلبوا الإدغام للواو لعادوا من التضعيف مثل ما فروا منه، ومثله سوير وبويع ومثله لوى ورويه إذا خفف همزتاهما، لأنّ الواو في جميعها لا يلزم، فلم يعتدوا بها واوا.
ألا ترى أنّها سوير، وبويع منقلبة عن الألف في سائر وبائع. وفي رويه ونوي مبدلتان من همزة وتلك الهمزة ثابتة في النّية، وإذا كان كذلك فحكم الواو فيها حكم الألف والهمزة، فأما ضيون وحيوة فشاذتان عن الاستعمال ومنبّهتان على أصل بالباب المرفوض على عادتهم في أمثالها والنّهار واللّيل لا يجمعان إلا أن يذهب إلى بياض كلّ يوم، وسواد كلّ ليلة، فتصورت بينها خلافا لأنّك حينئذ تجمع للاختلاف الدّاخل في الجنس فيقال: أليال وأليل وأنهر ونهر وعلى هذا قول الشاعر شعرا:
والذي يكشف لك أنّ اللّيل والنّهار لا يجمعان أنّ سيبويه قال: لا يجوز أن يقول القائل: إذا كان الليل فاتني ولا أن يقول: إذا كان النّهار فاتني لأنهما لا يكونان ظرفين إلا أن يعني بهما كلّ اللّيل والنّهار. وإذا كانا كذلك فسبيلهما سبيل الدهر فكما لا تقول: إذا كان الدّهر فاتني كذلك يمتنع في اللّيل والنّهار ويقال: رجل ليلي ورجل نهاري إذا نسبت، ونهري أيضا وهذا كما بنوا للّنسبة فاعل وفعال مثل تاجر ولابن وبزّاز وثمّار وأنشده: