الباب العشرون في أقطاع النّهار وطوائفه- وما يتّصل به ويجري مجراه
قال النّضر: النّهار من طلوع الشّمس ولا يعدّ ما قبل طلوعها من النّهار وجمعه أنهرة ونهر. وقال الخليل: هو ضياء ما بين طلوع الشّمس يحديه حتى تحلّ صلوة الضّحى.
وغزالة الضّحى أوّلها يقال: أتانا في غزالة الضّحى وهو أوّل الضّحى أي مدّ النّهار الأكبر.
فأمّا رأد الضّحى فحين يعلوك النّهار حتى يمضي منه نحو الخمس، ويقال: أتيته ضحيا ورادا وقد ترادت الضّحى وترادها وتزيلها وارتفاعها وجئتك في فوعة النّهار وهي أوّله.
وحكى بعضهم فوعة كلّ شيء أوّله وفوعه، وكذلك فيعته وفيعه. ومنه كان ذلك عند أوّل فوعة أوّل شيء، وأتيته مدّ النّهار، وهو بعد الرّأد وأتيته مدّ النّهار الأكبر. وجئته حين ذرّ قرن الشّمس، وحين بزغت وشرقت وأشرقت، فالشّروق الطّلوع، والإشراق الانبساط والإضاءة وفعلته حين ترجّلت الضّحى، والنّهار وهو علّوه واختلاطه.
وأتيته غدوة وبكرة، وهما لا يصرفان لأنّ غدوة علم، وبكرة نحوها: وإنّي لآتيته في البكرة- وآتيه بكرا وآتيه غدوة بكرا، وأتاني غدوة باكرة- والمبكر ما جاء في أوّل وقت وكذلك الباكر. قال:
ألا بكرت عرسي بليل تلومني
وفي الحديث:«بكّروا بصلاة المغرب» ويكون الغداة أصله ذاك أيضا. ومنه باكورة الرّبيع والتّبكير أوّل الصّلاة. وفي الحديث:«من بكر وابتكر» فبكر يكون لأوّل ساعات النّهار. وقال ثعلب: ويجوز في قوله ابتكر أي أسرع إلى الخطبة حتى يكون أوّل دان وسامع، كما يقال: ابتكرت الخطبة والقصيدة أي اقتضيتها وارتجلتها ابتداء لم أرو فيها.
وقول الفرزدق شعرا:
إذا هنّ باكرن الحديث كأنّه ... جنى النّخل أو أبكار كرم تعطّف