بسم الله براعة الاستهلال، والتّخلص بالصّلاة على محمد رسوله والآل. ثم براعة الختام عليه وعلى آله وصحبه السّلام، وبعد فمن قابل أبواب هذا الكتاب وسلك أرجاءه المطرزة بالآداب وجد حديقة موشّحة ببديع الطّريقة، مرصّعة بدراري البيان موشّعة بلوامع التّبيان، مرشحة بعقود اللآلئ، مدبّجة كالغزالي، منسجمة الألفاظ والمعاني، موزونة الأركان والمباني، مطيبة بأفواه البلاغة، مسوّرة بلجين لا لجين الصّناعة، فكأنّ بانيها قد خطّها في ذهنه الوقّاد قبل الشّروع، ومهّد أصولها لاستنباط الفروع ثم أسّسها بأساس التّحقيق، ورفعها بلبن التّدقيق، وزّينها بمصابيح الفصاحة، وأنارها بثوابت السّماحة، حتى أتت جنة عالية، قطوفها دانية، فيها أعين فوائد جارية، وحور خرائد لقلوب المدنفين فارية، وموائد للمعاني وللمعاني قارية، وغرائب لم تكن على الأفئدة طارئة، وطرائق للسّالكين واضحة كافية، ودبارق لقلوب العاشقين فنون البلاغة شافية، بيد أنها جامعة للّغة الغريبة، والنّكت العجيبة وخرائد الأذهان الحصان، التي لم يطمثهن أنس قبله ولا جان، فبخّ له من لوذعي نحرير، وألمعي تنقيح وتقرير، ما أرشق براعة استهلاله وتخلّصه، وما أوفق حسن مقطعة وتربصّه، إلى أن حافظ على براعة الختام، بأوقات الصّلاة بخير اهتمام، وجعلها تذكرة مدة الأعوام والأيام، وها أنا أختم بالسّلام على سيّدنا محمد خير الأنام، وعلى آله الأعلام وخير صحبه الماسكين زمام الإسلام.