والتّنبيه على مبادئ السّنة في المذاهب كلّها وما يشاكل ذلك من تقسيمها على البروج يقال: إن الله تعالى خلق الخلق كلّه والشّمس برأس الحمل والزّمان معتدل واللّيل والنّهار مستويان، فأوّل الأزمنة فصل الصيف، وهو الذي يدعوه النّاس الربيع ومنه ابتداء سنة الفرس فكلما حلّت الشّمس برأس الحمل فقد مضت للعالم سنة عندهم، قال ابن قتيبة:
ولذلك قال أبو نواس شعرا:
أما ترى الشّمس حلّت الحملا ... وقام وزن الزّمان فاعتدلا
وغنّت الطير بعد عجمتها ... واستوفت الخمر حولها كملا
لأن مراده استوفت الخمر حول الشّمس كملا فالهاء في قوله: حولها كناية عن الشّمس قد مضى ذكرها، قال ثعلب: حولها تقلبها من حال إلى حال.
وقال المبرد: من ابتداء إبراق الكرم إلى استحكام العنب ستة أشهر، ومن استحكام العنب إلى استحكام الخمر ستة أشهر، وذلك عند حلول الشّمس برأس الحمل فلذلك حول. وقال بعضهم: حول الخمر ستة أشهر والضّمير لها فهذا ما في هذا وقد قال أبو نواس في قصيدة أخرى أوّلها شعرا:
أعطتك ريحانها العفار ... وحان من ليلك السّفار
ثم قال:
تحيّرت والنّجوم وقف ... لم يتمكّن لها المدار
وفي هذا البيت معنى لطيف مليح وذلك أن أصحاب النّجوم والحساب يقولون: إنّ الله تعالى حين خلق النّجوم وجعلها واقعة في برج، ثم سيّرها من هناك، فيريد أنّ هذه الخمرة