للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القتال لكنّ الكافر إذا اعتدى، فليس على المؤمن أن يقبض يده، ويلقي بها إلى التّهلكة، بل إذا قوتلوا في الأشهر الحرم كان مطلقا لهم، ومفروضا عليهم قتالهم فيها.

وقوله تعالى: الْحُرُماتُ قِصاصٌ

[سورة البقرة، الآية: ١٩٤] معنى القصاص: أن تفعل بصاحبك مثل الذي هو فعل بك، فإذا قاتلت الكافر في الشّهر الحرام كما قاتلك فقد قاصعته وفعلت مثل فعله، وقوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ

[سورة البقرة، الآية: ١٩٤] معناه: جازوه جزاء الاعتداء، فسمّى الجزاء باسم الاعتداء، طلبا للمطابقة في اللّفظ، وإيذانا بأنّ الثّاني كالفرض المؤدّى، فالمواصلة فيه مرعية.

فصل [في ذكر العرب اسما تعلّق الأحداث بها فيخرجونها مخرج الصّفات والأفعال]

حكى الأصمعيّ أنّ العرب ربما تذكر اسما تعلّق الأحداث بها فيخرجونها مخرج الصّفات والأفعال منسوبة، ولشهرتها وظهور الفرض منها استجيز معها ما لم يستجز في غيرها، ولا يتقايس، فمن ذلك: لا آتيك مغرى الغرر، أي حتى يجتمع وذلك لا يكون أبدا ولا آتيك أبي هبيرة، قال: وأبو هبيرة هو سعد بن زيد مناة بن تميم، ولا آتيك هبيرة بن سعد، ولا آتيك القارظة الغزى، وقولهم: زمن الفطحل: أي حين كانت الحجارة رطبة قال:

لو أنني عمّرت عمر الحسل ... أو عمر نوح زمن الفطحل

كنت رهين هرم أو قتل جعل الموت حتف الأنف والقتل سواء، أو عام الفتق قال رؤبة: لم ترج رسلا بعد أعوام الفتق، يشيرون بذلك إلى زمن الخصب والخير كأنّ جلود الأكلة والرّاعية لسمنها فتقت فتقا، وكأنّ ظواهر الأرض وبطنانها فتقت بالنّبات، ويقال: آتيه قيظ عام أوّل، وما تركت من أبيه مغدا ولا مراحا ولا مغداة ولا مراحة، يعني من الشبّه به، وبعضهم يقول: ولا رواحا ولا رواحة ولا أكلّمك آخر المنون، وأخرى المنون، ولا أكلمه آخر ما خلقي، يريد آخر عمري أي ما بقيت.

وقال يعقوب: يقال: آخري ما خلقي، ومنهنّ أزمان الجنان، وهذا يشيرون به إلى الشر والآفات وأنشد:

فمن يك سائلا عنّي فإنّي ... من الفتيان أعوام الخنان

يقال: خنّ الرجل وهو مخنون: إذا ضاقت خياشيمه حتى يجيء كلامه غليظا لا يكاد يفهم، وقال جرير: وأكوي النّاظرين من الخنان، والخنان داء يعتري العين، وقال الخليل:

الخنان في الإبل كالزّكام في النّاس، وقال الدّريدي: زمن الخنان معروف، ولم أسمع من

<<  <   >  >>