للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباب السّابع والخمسون في ذكر الفجر- والشّفق- والزّوال ومعرفة الاستدلال بالكواكب وتبيين القبلة

روي عن عدي بن حاتم قال: لما نزلت: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ

[سورة البقرة، الآية: ١٨٧] قال: عمدت إلى عقالين أحدهما أبيض، والآخر أسود، فجعلتهما تحت وسادي، فلما تقارب مرّ اللّيل جعلت أنظر إليهما فلم يتبيّن لي شيء، فلمّا أصبحت غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فضحك وقال:

«وسادتك إذن لعريض اللّيل والنّهار، إذن تحت وسادتك إنّما ذلك اللّيل والنّهار» .

وروي عن عليّ رضي الله عنه أنّه صلّى الفجر ركعتين ثم جلس على مجلس له ثم قال: هذا حين تبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

واعلم أنّ الفجر فجران: أحدهما قبل الآخر: فالفجر الكاذب يستدقّ صاعدا في غير اعتراض، ويسمى ذنب السّرحان لدقته، ولا يحلّ شيئا ولا يحرّمه، وإنّما يؤذن بقرب النهار. وقال الخليل: الفجر ضوء الصّباح وقد انفجر الصّبح، والفجر المعروف منه. يقال:

ما أكثر فجره وفي التّنزيل: فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً

[سورة البقرة، الآية: ٦٠] لأنّ الحجر كان يفجر منه الماء في اثني عشر موضعا عند نزولهم، فإذا ارتحلوا غارت مياهها.

والفجر الثّاني: هو الصّادق والمصدّق، قال أبو ذؤيب يذكر الثّور والكلاب شعرا:

شغف الكلاب له الضّاريات فؤاده ... فإذا يرى الصّبح المصدّق يفزع

وإنما قال: يفزع لأنّه وقت القائض الفجر الثّاني هو المستطير المنتشر الضّوء ومع طلوعه يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. قال أبو داود:

فلمّا أضاءت لنا سدفة ... ولاح من الصّبح خيط أنارا

وقال آخر:

نميت إليها والنّجوم شوابك ... تداركها قدّام صبح مصدّق

<<  <   >  >>