ولمّا رأيتك تنسي الذّمام ... ولا قدر عندك للمعدم
وتجنو الشّريف إذا ما أخلّ ... وتثني الدّنيء على الدّرهم
وهبت أخاك للأعجمين ... وللأثرمين ولم أظلم
أخلّ: احتاج من الخلة والأعجمان: السّيل والحريق، وحكى أبو عمر وغلام ثعلب مرزم السّماك ومرزم الجوزاء.
[فصل في ترتيب الأوقات وتنزيلها]
قال أبو نصر: تكوير اللّيل على النهار والنّهار على اللّيل أن يلحق أحدهما بالآخر.
وإيلاج النّهار في اللّيل، واللّيل في النّهار، دخول أحدهما في الآخر. وقال الخليل: التكوير تغشية اللّيل النّهار والنّهار اللّيل. ومنه كارة القصار. وقال الدّريدي: الكور كور العمامة والقطعة العظيمة من الإبل، وفي المثل: نعوذ بالله من الحور بعد الكور، أي النّقصان بعد الزّيادة، وكرت العمامة كورا، وكذلك الكارة وكار الرجل، واستكار: أسرع في مشيته يكور كورا، وزلف اللّيل من النّهار والنّهار من اللّيل ساعات كل واحد منهما يأخذه من صاحبه، والواحدة زلفة. قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ
[سورة هود، الآية: ١١٤] ومنه المزالف والزّلفى ومزدلفة.
وقال الخليل: مزدلفة: سميت بهذا الاسم لاقتراب النّاس إلى منى بعد الإفاضة من عرفات، قال الأصمعي: إذا طلع الفجر فأنت مفجر حتى تطلع الشّمس فإذا طلعت فأنت مشرق إلى ارتفاع النّهار، ثم أنت مضح. وفي القرآن: فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ
[سورة الشعراء، الآية: ٦٠] في وقت طلوع الشّمس، والإشراق والتّشريق انبساطها، والشّروق طلوعها. ثم أت مضح حتى تزول الشّمس، فإذا زالت فأنت مهجر ومظهر إلى أن تصلّي العصر، ثم أنت معصر ومقصر وموصل إلى أن تحمّر الشّمس، ثم أنت مطفل إلى أن تغيب، فإذا غابت فأنت مغيب ومغرب وموجب ومشفق ومسدف، فإذا غاب الشّفق فأنت مظلم ومفحم.
قال أبو العبّاس ثعلب: يقال: رجل نهر وسابح إذا كان يتصرّف في النّهار دون اللّيل، فإذا كان باللّيل دون النّهار قيل: هو ليلي لابس، وهذا أخذه من قوله تعالى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً
[سورة النّبأ، الآية: ١٠- ١١] وقوله تعالى: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا
[سورة المزّمل، الآية: ٧] وقد قيل: سبحا أي: عملا وتقلبا ومنه سمّي السّابح لتقلّبه بيديه ورجليه ولباسا: أي استمتاعا من قوله:
لبست أبي حتّى تملّيت عيشه ... وملّيت أعمامي وملّيت خاليا