يراقبن من جوع خلاء مخافة ... نجوم الثّريّا الطّالعات الشّواخصا «١»
وقال أبو عبيدة: يقال النجم، فيفرد اللفظ والمعنى للجمع، وأنشد قول الراعي:
فباتت تعدّ النّجم في مستجيرة ... سريع بأيدي الآكلين جمودها
يعني ضيفة قراها جفنة، قد استجار فيها الدّهم، فهي ترى نجوم اللّيل فيها. وأمّا الكوكب فلا نعلمه يقع إلا على واحد فقط، وقال الآخر في منازل القمر فسمّاها نجوما:
وأخوات نجوم الأخذ إلّا أنضة ... أنضة محل ليس قاطرها يثري
قال أبو عبيدة: نجوم الأخذ: منازل القمر، سمّيت نجوم الأخذ، لأخذه كلّ ليلة في منزل. وقال أبو عمرو الشّيباني: الأخذ: نزول القمر منازله، يقال: أخذ القمر نجم كذا إذا نزل به. وأنشد أبو عمرو شعرا:
وأمست نجوم الأخذ غبرا كأنّها ... مقطّرة من شدّة البرد كسف
وقال: مقطّرة من القطار، أراد تناسقها، ومراد الشّاعر كسوفها، لأنّها متناسقة في الخصب والجدب. وكان على كل حال، وكسوفها ذهاب نورها لشدّة الزّمان وذلك لما يعرض في الهواء من الكدر ولا يجلوه، قال أبو الطمحان القتبي: تذكر حميرا وردت عيونا.
وتراها نجوم الأخذ في حجراتها ... وتنهق في أعناقها بالجداول
وقال أبو حنيفة: أول ما تبتدئون به من المنازل الشّرطان، ولما كانت العرب تقدّم الشّتاء كان أول أنوائها مؤخّر الدلو، وهو الفرع المؤخر، ونوؤه محمود الوقت، عزيز الفقد، وهو أوّل الوسمي، ثم بطن الحوت وهو الذي يسمّيه الرّشاء ولا يذكر نوؤه لغلبة ما قبله عليه.
واعلم أنّ المنازل تبدو للعين منها في السّماء أبدا نصفها، وهو أربعة عشر، وكذا البروج يبدو نصفها، وهو ستة لأنه كلّما غاب واحد منها طلع من المشرق رقيبه وسقوط كلّ منزل فيه ثلاثة عشر يوما سوى الجبهة، فإنّ لها أربعة عشر يوما لأنّها خصّت باللّيلة الباقية من أيّام السّنة الثّلاث مائة والخمسة والستين، وفضلت بذلك على سائرها، لغزارة نوئها، وكثرة الانتفاع بها، ويكون انقضاء الثمانية والعشرين، وانقضاء الاثني عشر مع انقضاء السنة.