والهجير فعيل بمعنى المفعول وكما قالوا: هاجرة على المجاز قيل هجير على التّحقيق أيضا. فأمّا تأنيث الهاجرة فكان. المراد بها، وبأمثالها السّاعة. وأمّا التّذكير حيث جاء فلان:
المراد به الوقت- وقولهم: الهجير لو أريد به السّاعة لألحقوا به الهاء بعد أن قطع عن الموصوف، وسلك به طريق الأسماء كما لحق بقوله البيّنة وهي الكعبة واللّقيطة وما أشبههما.
وأتيته بالهجير الأعلى، وفي الهاجرة العليا: يريد في آخر الهاجرة. وأتيته بالهويجرة وذلك قبل العصر بقليل، وأتيته هجرا. قال الفرزدق:
كأنّ العيس حين أنخن هجرا ... مغقّاة نواظرها سوام
ويقال: أتيته حين قام قائم ظهر، أي في الظهيرة، وأتيته حمى الظّهيرة وحين صخدت الشّمس وأزمعت بالركود، وأظهر فلان وخرج مظهرا أي داخلا في الظّهيرة وظهر فلان: نزل في الظّهيرة وبه سمّي الرّجل مظهرا.
وأتيته صكّة عمى وأعمى: أي نصف النّهار إذا كادت الشّمس تعمي البصر وقد يصرف فيقال: عمى. ورواه أبو عمرو عمي على فعيل، وهذا على أنّه تصغير أعمى مرخّم مثل زهير وسويد، من أزهر وأسود. ومعنى صكه أي كأن الشّمس تصكّ وجه ملاقيها، ولو قيل:
صكة أعيم لكان على الأصل. الأصمعي القائلة النّزول والحطّ عن الدّواب والاستظلال، ويقال: أتانا عند القائلة وعند مقيلنا، وعند قيلولتنا، ورجل قائل وقوم قيل. قال العجّاج:
إن قال قيل لم أكن في القيل
والغائرة: الهاجرة عند نصف النّهار وغوّر القوم: نزلوا في الغائرة، ويقال: أتيته عند الغائرة: يريد عند آخر القائلة. وحكى الأصمعيّ: غوروا بنا فقد رمّضتمونا، ويقال: ارتحلوا فقد غوّرتم أي أقمتم ونمتم، والأصل الحط عن الدّواب والنّزول. ونزلنا دلوك الشّمس، وذلك حين تزول عن كبد السّماء ودلكت أيضا غابت، وقال الله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ
[سورة الإسراء، الآية: ٧٨] فهذا حجة في الزّوال، وأنشد الدّريدي حجة في الغيبوبة:
هذا مقام قدمي رباح ... غدوة حتّى دلكت براح
أي غابت الشّمس فصارت في المغرب فستر عنه براحته، قال أبو بكر: هذا قول الأصمعي، واحتجّ بقوله: ادفعها بالرّاح كي تزحلفا. يقال: نزلنا سراة النّهار أي: ارتفاعه، ونزلنا عند مدحض الشّمس وقد دحضت الشّمس تدحض دحوضا ودحضا وذلك إذا كان بين الظّهر الأولى والعشي ما سفل من صلوة الأولى وبعد العصر الأصيل.
وأتيتك عشية أمس آتيه العشي ليومك الذي أنت فيه وسآتيه عشي غد بغير هاء، وكنت