للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا حيّ المنازل بالسّلام ... على نحل المنازل بالكلام

لمية بالغا درجت عليها ... رياح الصّيف من عام فعام

سحبن ذيولهّن بها فأضحت ... مصرعة بها دعم الخيام

أقمن على بوارح كلّ نجم ... وطيّرت العواصف بالتّمام

قال ذلك لأنّهم إذا ظعنوا عن المحاضر تركوا الخيام على حالها أو نزعوها ونضدوها استعدادا للعودة، فتزعزعها الرياح إذا تقادم العهد بها. ومن ذلك قول امرئ القيس:

أمرخ خيامهم أم عشر؟ ... أم القلب في إثرهم منحدر؟

قصده أن يعلم بأي الماء نزلوا خيامهم من شجرها والمعنى أنجدوا أم غاروا أم اتهموا فأحدر القلب بانحدارهم، وهذا كما قال: ففرعنا ومال بها قضيب. لأنّ قضيبا من تهامة، وكما قال الآخر: وسالت بأعناق المطيّ الأباطح.

وقال ابن الأعرابي: الحنتمة ثلاثة أعواد أو أربعة يلقى عليها الثمام يستظل بها في الحر، والمظلة لا يكون إلا من النّبات، وتكون كبيرة، ويكون لها رواق وربما كانت شقّة أو شقّتين أو ثلاثا. وربما كان لها كفا وهو مؤخّرها. قال: والخباء من شعر أو صوف، والقبّة: تكون من أدم. وكذلك الطّراف، وقال: المظلّة بفتح الميم لا غير. قال زهير:

تبصّر خليلي هل ترى من ظعائن ... تحمّلن بالعلياء من فوق جرثم

جعلن القنان عن يمين وحزنه ... وكم بالقنان من محلّ ومحرم

فلمّا وردن الماء زرقا جمامه ... وضعن عصيّ الحاضر المتخيمّ

فهذا الظّعن للبداوة فأمّا قول طفيل شعرا:

على اثر حيّ لا يرى النّجم طالعا ... من اللّيل إلّا وهو قفر منازله

فإنّ من تبدّى أوان التّبديّ من الخريف لم ير الثّريا طالعة أوّل اللّيل إلّا وهو نازل بالقفر لأنّ أوّل طلوع الثّريا عشاء هو لطلوع السّماك الأعزل بالغداة وسقوط الرّشاء، وذلك في الوسمي وبعد طلوع سهيل. وأمّا قول ذي الرّمة:

إذا عارض الشعرى سهيل بجهمة ... وجوزاؤها استغنين عن كلّ منهل

فهو يصف إبلا واستوثق لها، لأنّ سهيلا إذا طلع بقية من اللّيل وهي الجهمة، فذاك قبل الوسمي، ودبر القيظ، والزّمان زمان ندى، وروح وطل وغيث. وقد قال ساجعهم: إذا طلعت الصّرفة أميز عن الماء زلفة، لأنّها إذا طلعت ناء الفرع المقدم وهو آخر أنواء الخريف، وفي اثره الفرع المؤخّر وهو أوّل أنواء الوسمي فلا يزالون يتبعون مواقع الغيث

<<  <   >  >>