وسمر ابنا سمير، وأقام حراء وثبير. وكتب لخمس وثلاثين عاما خلت من عام الفيل. ثم بعث بالكتاب مع طرف من طرائف اليمن وعدد إلى معمر. قال الأصمعي: فهي باقية إلى الآن يفض على ولده دخلها وذلك في أيام الرّشيد رحمه الله تعالى.
وقال ابن كناسة: إذا غابت الثّريا مع غيوب الشّمس لم ترها أربعين يوما وذلك أفولها، قال: وأهل الشّام يطلعونها لخمس وعشرين من غير أن تطلع أو يروها، فيقيمون أسواقهم فتقوم سوق (دير أيوب) وهي أول أسواقهم المذكورة، فإذا انقضت اعتدوا سبعين يوما.
ثم تقوم سوق (بصرى) قال فأدركتها تقوم خمسا وعشرين ليلة، وأخبرت أنّها كانت تقوم بولاية بني أمية ثلاثين إلى أربعين ليلة، فإذا انقضت اعتدوا سبعين ليلة.
ثم تقوم سوق (أذرعات) وهي اليوم أطولها قياما، وربما لقيت النّاس صادرين منها وأنا وارد. ثم أصدر قبل أن تقلع، يقال: قلعت السّوق خفيفة.
قال: وزاد بعضهم في الأسواق (المجنة) وهو قريب من ذي المجاز والأسقى خلف حضرموت.
قال أبو المنذر: كانت بعكاظ منابر في الجاهلية يقوم عليها الخطيب بخطبته وفعاله وعدّ مآثره، وأيّام قومه من عام إلى عام، فيما أخذت العرب أيّامها وفخرها وكانت المنابر قديمة يقول فيها حسّان رضي الله عنه شعرا:
أولاء بنو ماء السّماء توارثوا ... دمشق بملك كابرا بعد كابر
يؤمّون ملك الشّام حتى تمكّنوا ... ملوكا بأرض الشّام فوق المنابر
وكانوا إذا غدر الرّجل، أو جنى جناية عظيمة انطلق أحدهم حتى يرفع له راية غدر بعكاظ، فيقوم رجل يخطب بذلك الغدر فيقول: ألا إنّ فلان ابن فلان غدر فاعرفوا وجهه، ولا تصاهروه، ولا تجالسوه، ولا تسمعوا منه قولا فإن أعتب وإلّا جعل له مثل مثاله في رمح، فنصب بعكاظ فلعن ورجم وهو قول الشّماخ شعرا:
ذعرت به القطا ونفيت عنه ... مقام الذّئب كالرّجل اللّعين
وإنّ عامر بن جوين بن عبد الرّضى رفعت له كندة راية غدر في صنيعه بامرئ القيس بن حجر في وجهه إلى قيصر، ورفعت له فزارة راية وفاء في صنيعه بمنظور ابن سيار، حيث اقحمته السّنة فصار بماله وإبله وأهله إلى الجبلين، فأجاره ووفى وصار النّاس بين حامد له، وذام فذهبت مثلا.