للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قولك: أوّه وأراد من بعد أرض، ومن بعد سماء، فجعله للصّفتين ونحوه قول القطامي:

ألم يحزنك أنّ جبال قيس ... وتغلب قد تباينت انقطاعا

يريد: وجبال تغلب. وقال النّابغة الجعدي شعرا:

غدا فتيا دهر وراحا عليهم ... نهار وليل يكثران التّواليا

وإنمّا يغدو واحد ويروح آخر، ويجوز على هذا أن يقول: غلامان قد طبخا خبزا وأحدهما طبخ والآخر خبر. وقال آخر:

تعلمنّ والله ما أبالي ... تعود عند آخر اللّيالي

أراد أن يقول: أخرى اللّيالي، وهو وجه الكلام. وقال جرير شعرا:

مطاعيم الشّتاء إذا استحنّت ... وفي عرواء كلّ صبا عقيم

قال ابن الأعرابي: استحنّت بفتح التاء بمعنى حنّت يعني الشّمال، وقال عمارة: بضم التاء، وقال: أراد استحنّ الشّتاء الشّمال أي هيّجها، والشّمال: مستحنّة فلذلك روى استحنّت.

سبقنا العالمين بكلّ نجم ... وبالمستمطرات من النّجوم

وقوله: وليست يعني النّجوم وأضمر لأنّ في الكلام دليلا عليه. وقال جرير شعرا:

يأوي إليك فلا منّ ولا جحد ... من ساقت الضّيع الحصا والذّئب

فاعل يأوي من ساقت، وأراد بالضّيع الحصا السّنة الجدبة لا نبت فيها، قوله: والذّئب يريد أنّ الذئب تطمع في الناس لضعفهم. وروي أنّه سئل السّنة: أي الجدب ما عوانك، فقال: الحرب والذّئب. وقال الفرزدق شعرا:

يداك يد ربيع النّاس فيها ... وفي الأخرى الشّهور من الحرام

أراد في إحدى يديك ربيع النّاس، يعني إنّه يغنيهم، والأخرى كالأشهر الحرم يعني عقد جوارح، فأخرج الكلام كما ترى. وأنشد ثعلب:

ولعلّ خيرا منك قرما ماجدا ... ضحّاك ساعات النّجوم سميدع

<<  <   >  >>