للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شعر:

فمن بنحوته كمن بعقوته ... والمستكنّ كمن يمشي بقرواح

ومثله قول الآخر:

أسدف منشقّ عراه فذو الأدماث ... ما كان كذي الموئل

الأسدف: الأسود وجعل عراه ينشقّ بالماء والدّمث: السّهل اللّين، والموئل: المكان المرتفع الذي يئل النّاس إليه من السّيل.

وروي أن المعقّر البارقي سأل ابنته عن السّحابة وقد كفّ بصره، وإنمّا سمع صوت رعدة فقالت: أرى سحما عفاقة، كأنّها حولاء ناقة ذات هيدب دان وسير وان فقال: يا بنية وائلي بي إلى جنب قفلة، فإنها لا تنبت إلا بمنجاة من السّيل. القفل: ضرب من الشّجر لا ينبت إلا مرتفعا من السّيل وإذا كان السّحاب أصهب إلى البياض فذاك دليل على أنه لا ماء فيه وعلى الجدب. قال النابغة شعرا:

صهباء ظمّاء أبين البين عن عرض ... يزجين غيما قليلا ماؤه شبما

وقال أمية بن أبي الصّلت يذكره شدّة الزّمان في الشّتاء:

وشوّذت شمسهم إذا طلعت ... بالجلب هفا كأنّه الكتم

شوّذت: عليت وعمّمت، ويقال للعمامة المشوّذ والجلب: سحاب لا ماء فيه، والهف: الرّقيق. وذلك من علامات الجدب.

وقد يعترض في الأفق حمرة بالغداة والعشيّ من غير سحاب في الشّتاء فيستدلّ به على قلّة الخير وشدّة الزّمان. وقال النابغة شعرا:

لا يبرمون إذا ما الأفق جلّله ... صرّ الشّتاء من الإمحال كالآدم

يريد: لا يخلون في هذا الوقت، والبرم: الذي لا يدخل مع القوم في المسير. وقال الكميت:

إذا أمست الآفاق حمرا جنوبها ... لشيبان أو ملحان فاليوم أشهب

وقال الفرزدق:

يغضّون بأطراف العصيّ تلفّهم ... من الشّام حمر الضّحى والأصائل

يريد حمر الآفاق: أوّل النّهار وآخره، فهذه الحمرة التي بيّنتها ودللت عليها بشواهدها

<<  <   >  >>