للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهناك فرق كبير بين الإرشاد النفسي الديني وبين الوعظ الديني، فالوعظ الديني فيه تعليم وتوجيه غالبا من جانب واحد، وهو مثل ما نسمع في المساجد وفي البرامج الدينية في الإذاعة والتليفزيون مثلا، ويهدف الوعظ الديني إلى تحصيل معلومات دينية منظمة، أما الإرشاد النفسي الديني فهو يتم بتكوين حالة نفسية متكاملة نجد فيها السلوك متمشيا ومتكاملا مع المعتقدات الدينية، مما يؤدي إلى توافق الشخصية والسعادة والصحة النفسية، والمرشد النفسي يستطيع أن يقوم بالإرشاد النفسي الديني، ولكنه لا يستطيع أن يقوم به وحده "نوردبيرج Nordberg؛ ١٩٧٠".

وهناك من الدراسات والبحوث العربية حول أهمية الدين ودوره في الإرشاد والعلاج النفسي ما يضيق المجال عن تفصيله، فمثلا يؤكد المؤلف "حامد زهران، ١٩٨٥" على أهمية دور الإرشاد النفسي المنبثق من الشريعة الإسلامية في معالجة مشكلات الشباب العربي المعاصر. ويقدم سيد صبحي "١٩٨٧" نموذجا للإرشاد النفسي الإسلامي، ويضيف حامد زهران وإجلال سري "١٩٩٠" دراسة عن الرعاية النفسية للأولاد في هدي القرآن الكريم. وتوجد دراسات وبحوث يقوم بها علماء يعتنقون أديانا أخرى حول نفس الموضوع، فمثلا درس تيفان Stephan؛ "١٩٧١" دور علماء الدين كمرشدين، ووجد أن عددا كبيرا منهم يقوم فعلا بدور إرشادي وخاصة في الإرشاد الزواجي وأنهم ينجحون في ذلك، ووجد أن أصعب أدوار الإرشاد عندهم هو ما يتعلق بحالات الإدمان، واضطرابات الشخصية، ووجد أن علماء الدين يفضلون الإرشاد الفردي والتعاطف والمساندة واتباع طريقة الإرشاد غير المباشر، وعبر معظمهم عن حاجتهم الماسة إلى مزيد من التدريب في الإرشاد النفسي، ولاحظ ستيفان أن الوعظ يغلب على عملية الإرشاد كما قرروا، وأنهم لا يتبعون الأساليب الحديثة في عملية الإرشاد.

وهنا نؤكد ضرورة "رقابة" الدين، حيث يجب أن تستعرض كل النظريات والطرق والأفكار المستوردة من الخارج بحيث تجاز كما هي إذا كانت خالية من التعارض أو الضرر، أو تعدل إذا كان بها بعض الاختلاف، أو تمنع إذا كانت من الممنوعات، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} .

أسس الإرشاد النفسي الديني:

أما عن أسس الإرشاد النفسي الديني فإنه يقوم على أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان، والله يعلم من خلق. قال الله تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} . وقال

<<  <   >  >>