للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحتى إدراك الفرد لذاته يختلف عن إدراك الآخرين لها، وإدراكه للبيئة يختلف عن إدراك الآخرين لها. وإدراك الفرد لذاته ولبيئته يتأثر بعوامل كثيرة منها مستوى نموه ومستوى تعليمه وطبقته الاجتماعية والمجتمع الذي يعيش فيه.

وما نراه من اتفاق في الإدراك العام بين الأفراد مرجعه وجود الخبرات المشتركة المتشابهة بصفة عامة، وحتى هذا الاتفاق لا يكون تاما، ولكنه يكون متقاربا. وهذا التقارب هو الذي يؤدي إلى التفاهم والتوافق١.

وهكذا نرى أن الفروق الفردية توضع في الحساب تماما في الإرشاد النفسي. فالمرشد عليه أن يعرف فيما يتعلق بأسباب المشكلات النفسية مثلا أن بعض العوامل المسببة بصفة عامة قد تسبب مشكلة عند فرد ولا تسبب مشكلة عند فرد آخر، ونحن نعرف أن النار التي تذيب الدهن هي نفسها التي تجعل البيض يتجمد. فقد تحدث كارثة في أسرة فتصقل شخصية فرد وتهدم شخصية فرد آخر. ففي ضوء مبدأ الفروق الفردية تعدد طرق الإرشاد وليس ثمة طريقة واحدة تناسب كل العملاء لما بينهم من فروق فردية.

الفروق بين الجنسين Sex Differences:

لقد خلق الله سبحانه وتعالى الجنسين وبينهما فروق فسيولوجية واجتماعية وعقلية وانفعالية، وتلعب التنشئة الاجتماعية دورا هاما في إبراز الفروق بين الجنسين في الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها أفراد كل من الجنسين، ويكفي للتمثيل على ذلك بعض الفروق الخاصة في القدرات وفي الاتجاهات وفي الميول في المعايير الاجتماعية المتعلقة باللبس والعمل المتاح ... إلخ.

ومعروف في عالم المهنة أن هناك مهنا تكاد ترتبط بالجنس، أي أنه يوجد مهن "رجالي" ومهن "نسائي". ومن أمثلة المهن التي يفضلها ويجيدها الذكور القوات المسلحة والصناعات الثقيلة والتعدين. ومن أمثلة المهن التي تفضلها تجيدها الإناث السكرتارية والتدريس والتمريض والخدمة الاجتماعية.

وإلى جانب الفروق بين الجنسين حيويا هناك فروق نفسية، ونحن نعرف أن الذكورة النفسية أو الأنوثة النفسية تحدد في ضوء ما إذا كان سلوك الفرد أكثر ميلا نحو السلوك الذكري أو نحو السلوك الأنثوي بصرف النظر عن جنسه حيويا. وفي الإرشاد النفسي نجد أن


١ يقول الشاعر:
والناس يجمعهم شمل وبينهم ... في العقل فرق وفي الآداب والحسب

<<  <   >  >>