للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن العاص إن أول من ملك الإسكندرية فرعون واتخذ فيها مصانع ومجالس، وهو أول من عمرها ثم تداولها الملوك بعده، وإن سليمان بن داود عم اتخذها مسكنا وبنى فيها قصورا ومصانع عجيبة من بناء الجن، وبنى فى المنار مسجدا متقنا وهو باق إلى الآن. والأصح أن الإسكندر بناها من أولها واختط أساسها وبنى المنار فيها وعمل المرآة فى أعلاها، فيقال إنه ما ظهر العدو فى البحر ولا ضرب بأسيافه الإسكندرية إلا بعد زوال تلك المرآة، وكان زوالها فى خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان. وذلك أن ملك الروم أعمل الحيلة فى زوال المرآة من المنار، فبعث خادما من خواص خدمه ذا دهاء ورأى ومعرفة بما يتناول من أشغاله، فجاء مستأمنا إلى بعض الثغور. فحمل إلى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك بن مروان فأعلمه أنه كان من خواص ملك الروم وأنه أراد قتله لموجدة لم يكن لها حقيقة، وأنه هرب منها ورغب فى الإسلام فأسلم بين يدى الوليد؛ وأظهر له النصح فى أشياء خدمه فيها. ثم إنه استخرج له دفائن فى بلاد دمشق وغيرها من بلاد الشام بكتب كانت عنده، فلما رأى ذلك الوليد شرهت «ا» نفسه وتمكن طمعه وباحثه عما عنده من هذا الفن؛ فقال له إن الإسكندر استولى على ممالك العالم، واحتوى على الأموال والذخائر التى كانت لشداد بن عاد وغيره من ملوك العرب والعجم والفرس وغيرهم من الأمم؛ فبنى لها الآزاج والأسراب والأخباء، وأودعها تلك الذخائر والأموال والجواهر ثم بنى فوقها تلك المنارة التى بالإسكندرية. فلو هدم ذلك المنار استخرج من تحته «ب» من الأموال والذخائر والكنوز وما لا عين رأت؛ فصدق ذلك الوليد وطمع فيه، وبعث معه «ب» من خواصه وثقاته من يقف على هدم المنار، وأمر صاحب الإسكندرية أن يعينه على جميع ما يريد، فهدم ذلك الرومى قدر نصف المنار «١» وأزال المرآة التى كانت غرضه وأراد هدم الكل، فضج أهل