قال عبد الرحمن بن عبد الله بن [عبد] الحكم «١» : لما كان سنة ١٨ من الهجرة [٦٤٠] فى خلاقة عمر بن الخطاب رضه وقدم عمر رضه الجابية، خلا به عمرو ابن العاص وقد كان دخل مصر فى الجاهلية وجرى له بها خبر الكرة «ا» ، فكان عمرو بن العاص يعرف أحوال مصر، فجعل يعظم عند عمر بن الخطاب أمرها، ويعرفه بكثرة جبايتها ويهون عليه أمرها وفتحها، حتى ركن لذلك عمر رضه.
فعقد له على ٤٠٠٠ وجهزهم معه، وقال له:«سر وأنا مستخير الله تعالى وسيأتيك كتابى سريعا بما أرى إن شاء الله تعالى، فإن أدركك كتابى آمرك فيه بالانصراف قبل أن تدخل أرض مصر فانصرف، وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابى فامض لوجهك واستعن بالله واستنصر به» . فسار عمرو بن العاص فى جوف الليل ولم يشعر به أحد، ثم استخار عمر فكأنه تخوف على المسلمين فكتب إلى عمر ويأمره بالانصراف بمن معه، فأدركه الكتاب وهو فى رفح فتخوف عمرو إن قرأ الكتاب يكون فيه الأمر بالانصراف، فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه حتى نزل قرية فيما بين رفح والعريش، فسأل عنها فقيل له إنها من أرض مصر، فدعا بالكتاب فقرأه على المسلمين ثم قال لهم: ألستم تعلمون أن هذه القرية من أرض مصر؟ فقالوا بلى. فقال لهم إن أمير المؤمنين عهد إلى إن لحقنى كتابه وأنا لم أدخل أرض مصر أن أرجع بمن معى، وإن كتابه لم يلحقنى حتى دخلت أرض مصر فسيروا على بركة الله. فساروا حتى توسطوا بلاد مصر فنزلوا بموضع على النيل وهو الفسطاط، ولم يكن فيه حينئذ مدينة وإنما بنى الفسطاط عمرو. وكان ملك مصر فى ذلك الزمان المقوقس وهو الذي أهدى