وهو قطر كبير فيه مدن كثيرة قاعدتها توزر كلاها الله. وهى المدينة السعيدة التى هلك عليها عدو الله شقى ميورقة. رشقه سهم فى ترقوته فقضى نحبه. ولها هذه الفضيلة التى اختصت بها. وكان قد انتقم من أهلها سنة ٨٢ [٥][- ١١٨٦] ، وحصرها مدة وضيق عليها حتى دخلها ثم أخرجه عنها الأمر العزيز، وفر إلى الصحراء على وجهه وأتصل ببنى قرة «ا» فعند قفول «ب» المحلة المنصورة عن بلاد إفريقية أقبل إليها وظن أن كل بيضاء شحمة، فأتاه الموت من حيث لم يحتسب. وقيل إنه كان سهم قوس اللولب «ج» .
وهى مدينة كبيرة قديمة عليها سور مبنى بالحجارة والطوب، وحولها أرباض واسعة، ولها ٤ أبواب وعليها غابة كبيرة. وهى أكثر بلاد الجريد تمرا ومنها تمتار «د» جميع بلاد إفريقية وبلاد الصحراء التمر لكثرته بها ورخصه. ولأنها على طرف الصحراء لا يعلم ما وراءها ولا قدر أحد على الدخول فى الصحراء التى فى قبلتها؛ ويقال إن فى تلك الصحراء وادى رمل يجرى كما يجرى الماء؛ وهذا مستفاض. وأهلها من بقايا الروم الذين كانوا قبل استفتاح المسلمين لها؛ وكذلك أكثر أهل قسطيلية وبلاد الجريد، لأنهم فى حين دخول المسلمين إفريقية أسلموا على أموالهم. وفيهم من العرب الذين سكنوا فيها من المسلمين عند استفتاحها. وفيهم من البربر الذين دخلوها فى قديم الزمان عند خروجهم من بلادهم وانجلائهم عنها. وذلك أن بلاد البربر إنما كانت أرض فلسطين من ديار الشام، وما جاور تلك الأصقاع، وكان ملكهم جالوت الجبار العنية «ر»«١» ، وجالوت سمة لسائر ملوك البربر، إلى أن قتل داود عم جالوت كما ذكر الله تعالى فى محكم كتابه، ودخلت بلادهم تفرقوا فى البلاد. فمشى أكثرهم نحو المغرب ونزل بعضهم بالقرب من بلاد مصر، وتفرقت البرابر فى بلاد إفريقية وبلاد المغرب حتى وصلوا إلى أقاصى بلاد المغرب، على أزيد من ١٠٠٠ ميل من بلاد القيروان، واستوطنوها إلى وقتنا هذا. وكانت بلاد إفريقية للافرنج فأجلتها البربر عنها إلى جزائر