من البحر مثل صقلية وغيرها ثم تراجعت الإفرنجة إلى مدنها وعمائرها على موادعة «ا» وصلح مع البربر، واختارت البربر سكنى الجبال والرمال والبرارى وأطراف البلاد، فصارت الروم بالمدن والعمائر حتى افتتح المسلمون إفريقية فانجلت الروم أمام المسلمين مرة ثانية إلى جزائر البحر وغيرها إلا من أسلم وبقى فى بلاده على ماله مثل أهل قسطيلية وغيرهم من البلاد. وأهل توزر يبيعون زبل مراحضهم وهم يعيرون «ب» بذلك لأنهم لا يدخلون المراحض بالماء لئلا يفسد الزبل؛ فإذا دخل أحدهم المرحاض مشى إلى بعض السواقى التى تشق مدينتهم أو الوادى فاغتسل. ويمشى عندهم دلال المرحاض بالزبل فى الإناء، فإذا كان جافا حرص عليه، وإذا كان رطبا زهد فيه. ويضعون فى جناتهم مراحض على الطرق العامرة لمن كان مضطرا أو غريبا ليس من أهلها. وأما البلدى فلو أمسك ذلك يوما أو يومين ما رماه إلا فى مرحاضه. وإنما ذلك لتدمين أرضهم لأنها فى غاية الجفوف لقربها من الصحراء؛ وتتفاضل بلاد الجريد فى رطوبة الأرض ودهنيتها وتوزر أيبسها.
ومن بلاد قسطيلية مدينة نفطة «ج»«١» : بينها وبين توزر ٢٠ ميلا.
وهى مدينة كبيرة قديمة عليها سور من بناء الأول، ولها غابة كثيرة «د» النخل والبساتين وجميع الفواكه. وهى كثيرة الخصب ولها نهر يسقى بساتينها؛ وهى قديمة خصيبة وأهلها ذو ويسار. وهم من بقايا الروم كما ذكرنا.
ومن بلاد قسطيلية بلد تقيوس «٢» : وهى ٤ مدن متقاربة عليها أسوار، يكاد يكلم بعض أهلها بعضا لتقاربها. ولهم غابات كثيرة النخل والزيتون وجميع الفواكه؛ وهى أكثر بلاد قسطيلية زيتونا وأكثر جباية وأحسن هواء؛ فيها العيون الكثيرة العذبة، والمياه السائحة.