لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مارية القبطية، فلما سمع المقوقس دخول المسلمين بلاده ونزولهم فى موضع الفسطاط ولم يكن له بهم علم راعه ذلك، ونظر فى توجيه الجيوش إليهم. فكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضه يستمده، فأمده بأربعة الآلاف. ويقال إن أسقفا كان بالإسكندرية من أهل العلم بالكوائن، لما بلغه قدوم عمرو مع المسلمين إلى بلاد مصر كتب إلى القبط يعلمهم أن ملكهم قد انقطع، ويأمرهم بتلقى عمرو والطاعة له؛ فأطاعه كثير من القبط فاستعان بهم على من سواهم. ثم سار عمرو إلى البلد الذي كان فيه الملك المقوقس، وكان حصنا عظيما مانعا وقد خندقوا حوله وجعلوا للخندق أبوابا وعلقوا شبك الحديد على تلك الأبواب، فكان عمرو يفرق أصحابه على جوانب الحصن ليرى العدو أنهم أكثر مما هم، ويغدوا بهم فى الأسحار ويصففهم على أبواب الخندق عليهم السلاح والدروع.
ثم إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضه بعث الزبير بن العوام فى ١٢ الفا فتقوى المسلمون، فجعل عمرو يلح بالقتال ووضع المنجنيق، فلما أبطأ الفتح على المسلمين قال الزبير بن العوام رضه: أنا أهب نفسى لله وأرجو أن يفتح الله على المسلمين. فوضع له سلم «ا» إلى جانب الحصن فرقى ثم قال لهم إذا سمعتم تكبيرى أجيبونى، فما شعر أهل الحصن إلا والزبير على رأس الحصن يكبر والسيف بيده منتضى، فتحامل المسلمون على السلم حتى نهاهم عمرو خوفا أن ينكسر بهم، فهرب أهل الحصن جميعا. وعمد الزبير إلى باب الحصن ففتحه واقتحم المسلمون فيه، فلجأ الروم والقبط إلى الفوق وهو قصر منيع فى الحصن، فحاربهم المسلمون نحو شهر، وكان فى ذلك القصر المقوقس مع أكابر الروم والقبط، فخاف المقوقس على نفسه وعلى من معه فخرج من باب خفى وترك فى القصر جماعة يقاتلون، وسار إلى الجزيرة موضع دار الصناعة اليوم، وأمر بقطع الجسر «ب» . ثم أرسل «ج» المقوقس إلى عمرو بن العاص: «إنكم قوم قد دخلتم بلادنا وطال مقامكم بأرضنا وإنما أنتم عصبة يسيرة، وقد اضلتكم الروم وجهزوا إليكم الجيوش، وقد أحاط بكم هذا النيل وأنتم أسارى بأيدينا، فابعثوا إلينا رجلا منكم نسمع كلامه فعسى أن يتأتى الأمر بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب،