للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن أكثر دوابكم الإبل، تكون إبلكم على بابها فى مراعيها آمنة من البربر.

فدعا ما كان فى الغيضة من الوحوش والهوام، وقال اخرجوا بإذن الله فخرج كل ما كان فيها حتى لم يبق من الحيوانات شئ؛ وهم ينظرون إليها.

وقال ابن الرقيق «ا» «١» فى تاريخه: فبقيت القيروان ٤٠ سنة لم ير فيها خشاش ولا هوام.

وتنازعوا فى قبلة الجامع فبات عقبة مهموما، فرأى فى المنام قائلا يقول له: خذ اللواء بيدك فحيث ما سمعت التكبير فامش، فإذا انقطع التكبير فأركز اللواء فإنه موضع قبلتكم؛ ففعل عقبة ذلك فهو موضع القبلة، وهو محراب جامع القيروان إلى اليوم؛ وقد هدم حسان بن النعمان جامع القيروان وبناه حاشى المحراب فإنه تركه. ويقال إنه هدم وبنى ٣ مرات، كل وال يلى القيروان يريد أن يكون الجامع من بنيانه؛ وكانوا يتركون منه المحراب تبركا ببناء عقبة رحمه الله. ويقال إنه لما أراد معد بن إسماعيل بن عبيد الله الشيعى «٢» تحريف قبلة مسجد القيروان وذلك سنة ٣٤٥ [- ٩٥٦] بلغه أهل القيروان يقولون إن الله عز وجل يمنعه منه بدعاء عقبة بن نافع الفاضل فى وقت تأسيسه الجامع.

فلما وصل ذلك إلى معد غضب، وأمر بنبش قبر عقبة بن نافع وإحراق رمته بالنار، وكان قبره بظاهر مدينة تهودا، حيث استشهد رحمه الله. وبعث معد لذلك ٥٠٠ ما بين فارس وراجل؛ قيل فلما دنوا من قبره وحاولوا ما أمرهم به، هبت عليهم ريح عاصفة ولاحت بروق خاطفة وقعقعت رعود قاصفة كادت تهلكهم، فأضربوا ولم يعرضوا له؛ فخافوا عقوبة معد فتاهوا فى صحارى إفريقية حتى سمعوا أنه هلك، فحينئذ أتوا إلى أوطانهم معتبرين مستبصرين «ب» . وبإزاء جامع القيروان الساريتان الحمراوان الموشاة بالصفرة، اللتان لم ير الراءون أحسن منها «ج» ولا مثلها؛ كانت فى كنيسة من كنائس الروم، فنقلها إلى جامع القيروان حسان بن النعمان؛ وهما مقابلتان المحراب، عليهما القبة المتصلة بالمحراب.