للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على عتاقه بنيانها وعظم شأنها «ا» ، وإنه لمن آيات هذا الأمر العزيز التى تتبين بها عظمته لذى الفحص والتزليم «ب» .

وكان اسم مدينة قفصة مدينة الحنيّة لأن فيها بنيانا قديما مثل الحنية فكانت تسمى بها؛ وهى متوسطة بين القيروان وبين مدينة قابس. وفى داخلها عيون كثيرة منها عينان كبيرتان معينتان ليس لهما نظير فى عذوبة مائهما وصفائه وكثرته؛ إحداهما عند باب الجامع تسمى بالوادى الكبير، وهى عين عظيمة مبنية بالصخر الجليل من بنيان الأول سعتها نحو ٤٠ ذراعا فى مثلها، وفوقها عين أصغر منها تسمى رأس العين، وبينهما قنطرة من بنيان الأول، ولا شك أن ماءهما واحد. وماء هذه العين الأولى أزرق شديد الصفاء يرئى قعر العين من أعلاها وفيها الماء نحو ٧ قيام؛ والعين الأخرى تحت قصر قفصة وتسمى بالطرميد، عليها بنيان عجيب قديم؛ وبإزائها مسجد يعرف بمسجد الحواريين. ومنبع هذه العين من حجر صلد من ثقب وسع فم الإنسان «ج» ، وينبعث منه بقوة عظيمة. وقد بنى له صهريج عليه دكاكين مبنية بالحجارة وعليه أقباء، وقد بنى فوقه مسجد عظيم. فإذا اجتمع ماء هذه العين مع ماء العين الكبيرة، التى عند الجامع، جاء منها نهر كبير تطحن عليه أرحاء كثيرة، ويسقى نصف غابة قفصة ونصف أرضها ومز درعاتها. والنصف الثانى من غابة قفصة يسقى من عين عظيمة خارج «د» المدينة يسمى عين المنستير، وهى عين كبيرة معينة عذبة يخرج منها نهر كبير. وهذه العين من أحسن ما يرى من العيون، وهى فى جانب النهر الكبير المسمى بوادى بايش «ر» ، وهو يشق غابة قفصة «س» ويسقى بعض بساتينها، وهو نهر مشهور يأتى من جبال شرقى قفصة «س» لكنه فى أيام الصيف يقل جريانه ولا ينشع «ص» ، وأرض هذا الوادى كله تنشع «ص» . وفيه تورد العرب إبلها، تحفر فيها احساء فتخرج ماء عذبا معينا. ولأهل قفصة فى سقى جناتهم هندسة عظيمة وبرشام شديد «ط» وتدقيق «ع» حساب. يقول أهل قفصة: إذا رأيت قوما يتخاصمون وقد علا بينهم الكلام