ولها سرب «ا» كبير تحت الجبل يمشى فيه الفارس بأطول ما يكون من الرماح فلا يلحق سماك ذلك السرب. ويقال إن فيه كنوزا وأموالا كثيرة؛ ويقال إنه كان بمدينة شقبنارية كنيسة وفيها مرآة صنعت من أخلاط عجيبة؛ إذا اتهم الرجل أهله بأحد، نظر فى تلك المرآة فيرى وجه الرجل المتهم. فيقال إنه كان فى تلك الناحية رجل بربرى يدعى أنه من أهل الخير والصلاح، فاتهم ملك «ب» شقبنارية أهله بذلك البربرى فنظر فى المرآة فرأى صورة البربرى مع امرأته، فأوقف على ذلك الشهود وأخذ البربرى فقتله، فغضب لذلك أهل البربرى ودخلوا تلك الكنيسة فكسروا تلك المرآة ونزعوها. وفى هذا الجبل مدن قديمة كثيرة خربة فيها آثار عظيمة وهو كثير العمائر والقرى وهو بلد الزرع والضّرع.
ومما يقرب من هذا الجبل من المدن المشهورة بإفريقية مدينة قسنطينة «١» :
وهى مدينة كبيرة عامرة قديمة أزلية، فيها آثار كثيرة للأول. وكان لها ماء مجلوب يأتيها على بعد على قناطر تقرب من قناطر قرطاجنة؛ وفيها مواجل عظام مثل الذي بقرطاجنة. ومدينة قسنطينة حصينة فى نهاية من المنعة والحصانة لا يعرف بإفريقية أمنع منها، ليس لها فى المنعة نظير غير مدينة رندة بالأندلس، فإنها تشبهها فى وضعها والخندق المحيط بها والحافة المحدقة بها شبها كثيرا. ولكن قسنطينة أعظم وأكبر وأعلى، على جبل عظيم من حجر صلد، وقد شق الله تعالى ذلك الجبل فكان فيه خندق عظيم يدور بالمدينة من ٣ جوانب. ونهرها الكبير يدخل على ذلك الخندق ويدور بالمدينة فيسمع «ج» لجريانه فى ذلك الخندق دوى عظيم هائل وصوت مفزع لمن يقرب منه. وقد عقد الأولون على هذا الخندق قنطرة عظيمة بل هى ٣ بعضها على بعض. و [هى] بالجو قربت من أعلى الخندق، وعليها الدخول إلى باب المدينة وهى متصلة بالباب. وقد بنى على طرف القنطرة مما يلى باب المدينة بيت على أقباء يسميه أهل المدينة «العبور» يعنون الشّعرى لأنه معلق فى جو السماء، فإذا كنت فى وسط هذه القنطرة تعبر إلى