وبالقرب منها أيضا قلعة يقال لها قلعة زيد، فيها مسجد «ا» يقال إن عقبة بن نافع بناها، وفيها شجر زيتون، يذكر من يسكن «ب» بقرب ذلك المسجد أن كل دابة من حمار أو ثور أو جمل أو غير ذلك من الدواب، إذا دخله وأكل من ورق الزيتون مات؛ لا يشكون فى ذلك، وهو عندهم متعارف.
وبين مدينة فاس ومدينة تلمسان، مسيرة عشرة أيام فى عمائر متصلة. وقد ذكرنا أن آخر بلاد المغرب الأوسط وأول بلاد المغرب بلاد تازا، وهى جبال عظيمة حصينة كثيرة التين والأعناب وجميع الفواكه، وأكثر شجرها الجوز، وهو يجود «ج» بها كثيرا. ويسكنها قبائل من البربر يعرفون بغياتة «١» وقد بنى ببلاد تازا فى هذه المدة مدينة الرباط «٢» ، وهى مدينة كبيرة فى سفح جبل مشرفة على بسائطه، يشقها جداول المياه العذبة، وعليها سور عظيم، وقد بنى بالجير والحصى، يبقى مع الدهر. وهى فى فسحة على ٦ أميال ما بين جبال ينصب إليها من تلك الجبال مياه كثيرة، وأنهار تسقى جميع بساتينها فى أعلاها وأسفلها، ولها نظر كبير، كثير الزرع وجميع الفواكه والخيرات، ولا أعلم ببلاد المشرق والمغرب بلدا أخصب منها ولا أكثر فوائد. وأسست هذه المدينة من نحو ٢٠ سنة «د» ، فى حين توجه الخليفة رضه إلى فتح بلاد بنى الناصر «ر» وشيدت «س» سنة ٥٦٨ [- ١١٧٢- ١١٧٣] مدينة الرباط على الطريق المار من بلاد المغرب إلى بلاد المشرق، وتسمى مكناسة تازا. ومكناسة قبيلة كثيرة من البربر سكنوا هناك، يسمى الموضع بهم. وتحت مدينة الرباط بنحو الميل بركة كبيرة يذكر أنها تتصل بالبحر من تحت الأرض، وقيل إنه رئى فيها فى بعض الأزمان «ص» دابة من دواب البحر؛ ويقال إن ماء هذه البركة يحمر فى بعض الأوقات حتى يعود كالدم، أخبرنى بذلك رجل من الثقات