للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتشاغل فى معالجته، وتحيروا فى أمره. وقطع سليمان مع صاحبه بلادا كثيرة فى تلك المدة، قيل فبقى إدريس فى غشيته عامة نهاره وليله، تضرب عروقه حتى مات رضى الله عنه. فتبين لهم أمر سليمان بن جرير، قال فركب راشد فى طلبه مع جماعة من أصحابه فجد السير حتى لحقهما وجده، لأن فرسه صبر أكثر من خيل أصحابه فأدركهما؛ فشد عليهما راشد، ففر صاحب سليمان ولم يغن شيئا، فضرب راشد سليمان ثلاث ضربات بالسيف على وجهه ورأسه، كل ذلك لا يصيب مقتلا، مع دفع سليمان عن نفسه، وعجز فرس راشد عن إدراكه. فلما رجع عنه راشد، نزل فعصب جراحاته، وسار حتى لحق بالمشرق. قال أبو الحسن النوفلى: فحدثنى من رآه بالعراق بعد ذلك مكتع اليد. قال النوفلى: كانت مدة إدريس الواصل من المشرق التى أجابته فيها البربر إلى أن مات بوليلى سنة ١٧٥ [- ٧٩١] «١» ثلاثة أعوام وستة أشهر.

قال أبو الحسن: ومات إدريس ولا ولد له وترك جارية من جواريه حبلى، فقام راشد بأمر البربر حتى ولدت الجارية غلاما فسماه باسم أبيه، وقام بأمره، وأحسن تأديبه. وتوفى راشد فقام بأمر الغلام أبو خالد يزيد بن الياس، وأخذ له بيعة البربر سنة ١٩٢ [- ٨٠٨] «٢» ؛ ثم مشى إدريس بن إدريس نحو فاس فاستوطنها واتخذها دار مملكة. وتوفى إدريس بن إدريس وهو ابن ٣٣ سنة، وكانت منيته بحبّة عنب اختنق بها، فلم يزل مفتوح الفم سائل اللعاب حتى مات.

وترك من الولد ١٢ ذكرا، فكان المتولى للأمر من بعده ابنه محمد بن إدريس، فاستوطن مدينة فاس؛ وفرق البلاد على إخوانه، وفعل ذلك برأى جدته كنزة أم إدريس. ويقال إنه خالف عليه بعض إخوانه، وكانت بينهم حروب يطول وصفها. ثم توارث الملك بنو إدريس بالمغرب، يأخذه الخلف عن السلف؛ وجاز منهم إلى جزيرة الأندلس على بن حمود «ا» . وكان فيما يذكر يميل إلى الفتوة، فاغتاله فتيان من الصقالبة فى حمام قرطبة فقتلوه «٣» ،