فيه، سيروا إليه وقولوا له: إن أبا عبد الله وأبا العباس قد شكا فى الخاتم الذي ذكرت أنه بين كتفيك فأره لنا، فإن لم تعاينوه فشأنكم به. قال فعند ما وصلوا إليه، وقالوا له تلك المقالة، قال لهم ألم يعلما كما قيل إنهما أيقنا به؟ قالوا نعم فقال لهم: الشك لا يزيل اليقين. والتفت إلى صاحب شرطته فقال له: يا عروبة آتنى برأسيهما؛ ففى الحين نهض عروبة إليهما متنكرا فقال له أبو عبد الله وكان له عليه حق مرتبته: ما الذي أتى بك يا عروبة؟ فقال الذي أمرتنى بطاعته أمرنى بقتلك. فقتلهما وأتى برأسيهما بحضرة أشياخ كتامة، وأمر بالكتب إلى الأمصار أن أبا عبد الله أحدث حدثا فطهرناه بالسيف، ولم تكن تمنعنا رعاية الحق له من إقامة الحدّ عليه. وتمهد أمر عبيد الله. وهو الحقيقة كما ذكر أبو بكر محمد بن الطيب فى كتابه فى وصف القرامطة: أنه عبيد الله والده عبد الله بن سالم بن عبدان الباهلى، وأن جده سالم صلبه المهدى العباسى على الزندقة على ما قاله الذين فحصوا عن أمره. ومات عبيد الله بالمهدية سنة ٣٢٢ [- ٩٣٤] وولى ولده أبو القاسم فأظهر مذهبه وسماه مذهب أهل البيت نسبة إلى جعفر ابن محمد الصادق وإلى على بن أبى طالب رضهما- وحاشاهما منه والعياذ بالله من هذا المعتقد. فمنه توريث البنت إذا انفردت بجميع المال كله، والله تعالى يقول:«وإن كانت واحدة فلها النصف» . وأسقط الرجم عن المحصنين فى الزنا، وأسقط المسح على الخفين، وأسقط من الأذان «الصلاة خير من النوم» ونادى فى الصبح «حى على خير العمل وعلى خير البشر» ، والصوم بالعلامة والفطر بها لا بالرؤية فيأتى قبل صوم المسلمين بيوم وقبل فطرهم بيوم فى أكثر الأعوام.
وأحل المطلقة ثلاثا، وأسقط أيمان الحرج. ولولا خروجنا عما قصد إليه الواضع «ا» لشرحنا ديانتهم وبينا كفرهم. وسماعهم الأخوة والمؤمنين وأمر ألا يقيم الحد أحد إلا أبوه أو ابنه أو أخوه أو قريبه. ثم أمرهم بالجهاد لمن خالف مذهبهم. فقام عليه أبو زيد مخلد بن كيداد بن سعد الله بن مغيث بن كرمان بن مخلد بن عثمان بن رويب بن سيران بن يفرن بن صره بن يورسيف بن جنا «ب» بن يحيى بن ضرليس بن جالوت. وكان على مذهب الصفرية النكار وقر على عمار الأعمى فى المشرق، وكان قيامه فى أول سنة ٣٣٢ [- ٩٤٣] .